و قد ذكرنا في موضوع"خروج أمير المؤمنين عليه السّلام إلى النجف"ما رواه الحافظ البرسي في قصّة جنازة اليماني.
و هناك مسوّغات عديدة لنقل الموتى ذكرت في كتب الفقه، منها: النقل إلى الأماكن المشرّفة. على أنّ رعاية جوار سيّد الوصيّين علي بن أبي طالب عليه السّلام و القرب منه، و احتمال خلاص الميّت من عذاب القبر هي من أجلّ تلك المسوّغات و أعظمها شأنا.
قال الشيخ جعفر الكبير في كتابه"كشف الغطاء"عند ذكر الأمور المسوّغة للنقل:
... و منها: أن يكون ذلك لإيصاله إلى محلّ يرجى فوزه بالثواب، أو نجاته من العقاب كالنقل إلى المشاهد المشرّفة، بل مقابر مطلق الأولياء و الشهداء و الصلحاء و العلماء، و ربّما كان هذا القسم أولى من غيره فيخرجه كلاّ أو بعضا عظما أو لحما أو مجتمعا.
و لو لا قيام الإجماع و السيرة على عدم وجوبه لقلنا بالوجوب في بعض المحال. [1]
و قال المحقّق الحلّي: و عليه عمل الأصحاب من زمن الأئمّة عليهم السّلام إلى الآن، و هو مشهور بينهم لا يتناكرونه، لأنّه يقصد بذلك التمسّك بمن له أهلية الشفاعة، و هو حسن بين الأحياء للتوصّل إلى فوائد الدنيا، فالتوصّل إلى فوائد الآخرة أولى. [2]
و قد نقل كثير من رجالات الإسلام و علماء الفريقين قبل دفنهم إلى أحد الأماكن المشرّفة، و عليه سيرة الشيعة الإمامية من زمن أئمتهم عليهم السّلام إلى يومنا هذا، كما نقل كثير من العلماء و الأعيان في مختلف العصور بعد دفنهم و إيداعهم في الأرض إلى الأماكن المشرّفة، و هو المعروف بعرف الإمامية بالإيداع، و هو مذهب جمع كبير من علماء المسلمين. و قد أحصى الشيخ الأميني في كتابه"الغدير"عددا كبيرا من صحابة أجلاّء و أعلام و علماء نقل جثمانهم من مكان لآخر قبل دفنهم، و آخرين نقلوا بعد دفنهم. [3]