و انتشر شميمها، و انقطع سمومها، و انتعش سقيمها، و تدفّق عبابها، و صفا شرابها، و تباشرت علماؤها و طلاّبها، و اطّردت أنهارها، و أورقت أشجارها، و غرّدت أطيارها، و صفت أوقاتها، و أمن قفرها و فلاتها، و عجّت بالدعوات أصواتها، و لهجت بالشكر لغاتها، قائلين: نسألك اللّهمّ يا منزل الماء المعين بشرف النبي الأمين و آله و أصحابه و التابعين أن تؤيّد الإسلام و المسلمين بدوام سلطان السلاطين مالك رقاب أهل العصر و مصدر النهي و الأمر السلطان الغازي عبد الحميد خان بن السلطان عبد المجيد، اللّهمّ مكّن له في الأرض، و أحي به السنّة و الفرض، و اجعل كلمته العليا، و كلمة أعاديه السفلى، ما ارتوى ظام من الماء و بزغ كوكب في السماء.
ثمّ أبرق السيّد محمد القزويني إلى السلطان عبد الحميد في الأستانة يمدحه و يشكره بهذه الأبيات:
و لأنّ النهر المذكور كسابقه يمرّ بأرض رمليّة منهارة تجرفها السيول و تسفي عليه الرياح، و لذلك كانت النجف الأشرف لا تنفكّ عن كظة الظمأ شهرين أو ثلاثة في العام، و عند نضوب المياه في الصيف في عمود الفرات لا يدخل نهر النجف الماء، الأمر الذي يلزم الحكومة التركية بأن تصنع سدّة من الحطب و التراب تكلّفها أموالا طائلة تقوم بها العشائر وسط مجرى الفرات العمود الرئيسي كي يدخل الماء في هذا النهر بعد تطهيره من الرمال. و عند قطع نهر النجف حال تطهيره فأهالي النجف الأغنياء منهم يشترون الروايا من السقّائين الذين يأتون بماء الفرات من شريعة الكوفة، و الفقراء