و نقل النويري عن المسعودي، أنّه قال: و قد كان الأكثر من ماء الفرات ينتهي إلى بلاد الحيرة، ثمّ يتجاوزها و يصبّ في البحر الفارسي، و كان البحر يوم ذاك في الموضع المعروف بالنجف في هذا الوقت، و كانت مراكب الهند و الصين ترد على ملوك الحيرة فيه. قال: و الموضع الذي كان يجري فيه بيّن إلى زمن وضع هذا الكتاب يعني"مروج الذهب"سنة 335 هـ و يعرف بالعقيق (العقيق) و عليه كانت وقعة القادسية. [1]
و يسمى نهر الحيرة بالكافر، و قيل: هو اسم قنطرته. [2] و هو ما يظهر من أبيات للمتلمس الشاعر، قالهما لمّا رأى كتاب ملك الحيرة عمرو بن هند إلى عامله بالبحرين يأمره فيه بقتل المتلمس-في قصّة ذكرناها في نوادر النجف في آخر الكتاب-قال المتلمس:
قذفت بها بالثني من جنب كافر # كذلك أقنو [3] كلّ قطّ مضلّل
رضيت لها بالماء لمّا رأيتها # يجول بها التيّار كلّ جدول [4]
و لعلّ هذا النهر هو الذي عناه أحد شعراء الكوفة، بقوله:
و بالنجف الجاري إذا زرت أهله # مها مهملات ما عليهن سائس
خرجن بحبّ اللهو في غير ريبة # عفائف باغي اللهو منهن آيس
يردن إذا ما الشمس لم يخش حرّها # ظلال بساتين جناهن يابس
إذا الحرّ آذاهن لذن بغينة # كما لاذ بالظل الظباء الكوانس [5]
لهنّ إذا استعرضتهن عشيّة # على ضفّة (النهر المليح) مجالس
يفوح عليك المسك منها و إن تقف # تحدّث و ليست بينهن و ساوس
و لكن نقيّات من اللؤم و الخنا # إذا ابتزّ عن أبشارهن الملابس [6]