5-و قد يظهر أنّ السبب في هذه التسمية هو معنى آخر من المعاني اللغوية لكلمة النجف، و ذلك لموقع أرض النجف الجغرافي بين السهل الرسوبي و الهضبة الصحراوية، و الذي يشبه في موقعه إلى حدّ كبير عتبة الباب كحدّ فاصل بين مكانين خارجي و داخلي، و قد ورد في اللغة أنّ النجف أو النجاف تعني"أسكفة الباب"أي عتبة الباب العليا [1] فالنجف تعني"عتبة الصحراء"أو"عتبة أرض العراق"، و لعلو موقع النجف اختصّ بهذا الاسم تمييزا له عن غيره من المنافذ المؤدّية من و إلى أرض العراق.
و يدعم هذا المعنى ما ورد في نصوص تاريخية لا تحصى أنّ أرض النجف كانت محلاّ لتلقّي الركبان حين ورودها أرض العراق، و لتوديع المسافر و الحاج.
قال الطبري في أحداث سنة 236 هـ: و فيها حجّ محمد المنتصر و حجّت معه جدّته شجاع أمّ المتوكّل فشيّعها المتوكّل إلى النجف. [2]
أخرج الخطيب البغدادي: عن بشر بن الحارث، قال: كان أبو جعفر الرازي صديقا لسفيان الثوري، و كان له معه بضاعة، و كان يكثر الحج، فكان إذا قدم الكوفة تلقّاه سفيان إلى القنطرة، و إذا خرج إلى مكة شيّعه إلى النجف. [3]
و أخرج ابن أبي شيبة: عن إبراهيم، قال: كان علقمة إذا خرج حاجّا أحرم من النجف، و قصّر. [4]
و أخرج محمد بن الحسن الشيباني: عن إبراهيم، أنّ ابن مسعود رضي اللّه عنه ردّ المتوفى عنهنّ أزواجهن من ظهر النجف. كنّ خرجن حجّاجا في عدّتهن. [5]
و ستأتي الكثير من الشواهد على هذا المعنى في طيّات كتابنا.