responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : الطبري، ابن جرير    جلد : 1  صفحه : 4

اما بعد، فان الله جل جلاله، و تقدست اسماؤه، خلق خلقه من غير ضرورة كانت به الى خلقهم، و أنشأهم من غير حاجه كانت به الى انشائهم، بل خلق من خصه منهم بامره و نهيه، و امتحنه بعبادته، ليعبدوه فيجود عليهم بنعمه، و ليحمدوه على نعمه فيزيدهم من فضله و مننه، و يسبغ عليهم فضله و طوله، كما قال عز و جل: «وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ‌».

فلم يزده خلقه إياهم- إذ خلقهم- في سلطانه على ما لم يزل قبل خلقه إياهم مثقال ذره، و لا هو ان افناهم و اعدمهم ينقصه افناؤه إياهم ميزان شعره، لأنه لا تغيره الاحوال، و لا يدخله الملال، و لا ينقص سلطانه الأيام و الليال، لأنه خالق الدهور و الأزمان، فعم جميعهم في العاجل فضله و جوده، و شملهم كرمه و طوله، فجعل لهم اسماعا و ابصارا و أفئدة، و خصهم بعقول يصلون بها الى التمييز بين الحق و الباطل، و يعرفون بها المنافع و المضار، و جعل لهم الارض بساطا ليسلكوا منها سبلا فجاجا، و السماء سقفا محفوظا، و بناء مسموكا، و انزل لهم منها الغيث بالإدرار، و الأرزاق بالمقدار، و اجرى لهم فيها قمر الليل و شمس النهار يتعاقبان بمصالحهم دائبين، فجعل لهم الليل لباسا، و النهار معاشا، و خالف- منا منه عليهم و تطولا- بين قمر الليل و شمس النهار، فمحا آيه الليل و جعل آيه النهار مبصره، كما قال جل جلاله و تقدست اسماؤه: «وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا

نام کتاب : تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : الطبري، ابن جرير    جلد : 1  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست