و قال الآخوند: «فلا وجه لتقديم العام على المطلق» [2].
و كون العام شموليا، و الاطلاق بدليا: إنّما هما بالنسبة لسائر أفرادهما، لا في الفرد الّذي تعارضا أو تزاحما عليه، إذ هما بالنسبة لذاك الفرد- في قوّة الظهور- سواء، فتأمّل.
و ما أورد ثانيا على الاطلاقات: من منع شمولها لمورد الاختلاف في الفتوى، فقد مرّ و سيأتي إن شاء اللّه تعالى النظر فيه. مضافا إلى أنّه ليس إشكالا في العدول، بل في أصل التخيير قبل تقليد المجتهد الأوّل.
[الدليل الثالث: بناء العقلاء]
الثالث من أدلّة الجواز العدول عن الحي إلى الحي: بناء العقلاء، إذ التقليد طريقي محض- كما تقدّم- سوى ما وسّع الشارع أو ضيّق، و العقلاء إذا كانوا مخيّرين في أمر، لوحدة نسبية في طريقية طريقين موصلين إلى واقع، لا يرون انخرام التخيير بمجرد سلوك أحد الطريقين.
و هذا ينحل إلى صغرى و هي هذه الدعوى، و كبرى و هي حجّية ذلك شرعا.
أمّا الصغرى: فيكفي للاطمينان إليها استعراض سيرة العقلاء، في الرجوع إلى أهل الخبرة و الحدس: من أطباء، و مهندسين، و محامين، و غيرهم، و إنهم إذا تخيّروا بين فردين منهم، لا يرون أنفسهم ملزمين بأحدهما بمجرد الرجوع إليه، بل يرون التخيير باقيا بعد الرجوع، كما كان قبل الرجوع.