و الحاصل: أنّ اجتماع الأمر و النهي الذي يكون تكليفا محالا إنّما يكون من جهة امتناع حصول الحالة الزجرية و البعثية في نفس المولى بالنسبة إلى شيء واحد في زمان واحد كما مرّ ذكره، و لا يكون هذا إلّا إذا كانت الحيثيتان متساويتين في الصدق أو متلازمتين في الوجود كالاستدبار و الاستقبال، أو تكون الحيثية المزجور عنها أعم من الحيثية المأمور بها في الصدق أو في الوجود، و أمّا إذا لم تكن النسبة بينهما كذلك فلا إشكال و لا امتناع حتى إذا كانت النسبة بينهما العموم المطلق مثل الأمر بحيثية و النهي عنها إذا كانت مخصصة بخصوصية خاصة بحيث لا تكون تلك الخصوصية بنفسها تمام متعلق النهي و لا الحيثية مخصصة بها، بل كان لكل منهما دخل في حصول الغرض.
التنبيه الثاني: جريان النزاع في الأمر الندبي و النهي التنزيهي
لا يخفى عليك: أنّ ما ذكرناه من امتناع اجتماع الأمر الوجوبي و النهي التحريمي إذا كان متعلقيهما متساويين في الصدق أو في الوجود، أو كانت الحيثية المأمور بها أخص من الحيثية المزجور عنها، و جواز الاجتماع في سائر الموارد؛ يكون جاريا أيضا فيما إذا لم يكن الأمر وجوبيا بل يكون ندبيا و النهي تحريميا، أو كان الأمر ندبيا و النهي تنزيهيا [1]، و لكن الفرق أنّ في الصورة الأخيرة لو كان متعلق الأمر عباديا لا مانع من صحة وقوعه عبادة لو أتى به في ضمن الفرد
[1]. كما في الوافية في اصول الفقه: 94 و 96؛ الفصول الغروية: 129، سطر 8، خلافا لما في مطارح الأنظار: 127، سطر 25.