كل فعل إمّا يكون مقدمة للواجب فيجب، أو مقدمة لترك الحرام فيجب أيضا، لأنّ ترك الحرام واجب.
و أجابوا عنها: بأنّا لا نسلّم وجوب مقدمة الواجب [1]. و لكنه قد ظهر ممّا حققناه عدم إمكان القول بالمقدمية، و أنّ كلماتهم في المقام خالية عن التحقيق.
مقتضى التحقيق
إنّ مقتضى التحقيق ينبغي أن يقال في مقام الجواب: إنّ ما هو تمام الملاك للقول بالاقتضاء هو مقدمية الترك لوجود الضد بملاحظة استحالة اجتماع وجود الضدين كالسواد و البياض في محل واحد و في زمان واحد. فالتضاد الواقع بينهما موجب لامتناع اجتماع وجودهما كذلك و على نحو المعية، فوجود الضد في حال معيته مع الضد الآخر محال. فلو فرضنا معية أحدهما مع عدم الآخر ارتفعت تلك الاستحالة و انقلبت مادة الامتناع إلى الإمكان.
فكما أنّ ملاك الامتناع و الاستحالة هو ضدية وجود كل منهما مع الآخر و معية وجود كل منهما لوجود الآخر، فليكن رفع هذا الامتناع
أحد أئمة المعتزلة كان رأس طائفة منهم تسمّى «الكعبية»، و له آراء و مقالات في الكلام انفرد بها، هو من أهل بلخ، أقام ببغداد مدة طويلة و توفي ببلخ (273- 319 ه).