إلقائه إلى السبع، و بين ما لم يكن كذلك بل كان صدوره منه بلا واسطة شيء من هذا القبيل. فعلى الأوّل يكون الأمر بالمسبب كالإحراق مثلا أمر بالسبب و هو الإلقاء لا محالة، لأنّ الإحراق أو الإتلاف فعل النار و السبع فلا يتعلق الأمر به واقعا. و على الثاني يكون الأمر متعلقا بالمسبب واقعا كما هو متعلق به ظاهرا. و على هذا يتجه النزاع في المقدمة السببية.
و لكن التحقيق هو: أنّ متعلق الأمر ليس إلّا نفس المسبب؛ و ذلك لأنّ ما استدلوا به لرجوع الأمر إلى السبب و منع رجوعه إلى المسبب:
إمّا أنّ التكليف لا يتعلق إلّا بالمقدور و المسبب ليس بمقدور [1].
فجوابه: أنّ المقدور بالواسطة مقدور.
و إمّا أنّ الأمر لا يتعلق إلّا بما هو فعل للمكلف و المسبب ليس فعلا له [2]؛ لأنّه لو كان فعله لما انفك عنه في بعض الأحيان كما إذا رمى سهما و مات الرامي بعد رميه فأصاب شخصا، فلو كان القاتل و الفاعل هو الرامي لما جاز حصول القتل و الفعل بعد موته، لاستحالة انفكاك المعلول عن علته زمانا فهذا كاشف عن عدم كون الرامي و أمثاله- فيما كان من هذا القبيل- فاعلا بل الفاعل هو السهم.
فجوابه: أنّ الأمر لا يصدر من المولى إلّا لأن يكون داعيا و باعثا نحو الفعل المأمور به و أن يبعث العبد إلى إرادة المأمور به أو إلى ما
[1]. معالم الدين: 58؛ الموافقات في اصول الشريعة 1: 191- 193.