الإتيان بالذبح عادة لو لا طرو المانع، و لو أمره بالمقدمات لا يحصل له ذلك الكمال و هو كونه بجميع وجوده و حقيقته مطيعا للمولى، بحيث يذبح ولده في سبيل طاعته و رضاه. فاللّه تعالى لم يرد منه الذبح، بل أراد المقدمات بأمره بالذبح. و قوله تعالى قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا[1] دليل على اكتفائه بإتيان المقدمات. و يكون أمره تعالى بالذبح كاشفا عن إرادته تعالى لوصول عبده إلى الكمال.
و أمّا الجواب عن الثاني: فأجاب عنه المتكلمون من العدلية بأنّ إرادة اللّه تعالى إذا تعلّقت بما هو فعله تعالى فلا يمكن تخلّفها عن المراد، و أمّا إذا تعلّقت بصدور فعل عن الغير بإرادة ذلك الغير فلا. [2]
و قال في الكفاية في مقام الجواب: بأنّ المستحيل تخلّفه عن المراد إرادته التكوينية دون إرادته التشريعية. و فسّر الأولى بالعلم بالنظام على النحو الكامل التام، و الثانية بالعلم بالمصلحة في فعل المكلف [3].
و لا يخفى عدم احتياج الجواب الى بيان ماهية الإرادتين و أخذ ذلك من الحكماء [4] و ذكره في المقام. و الظاهر أنّه تمهيد لبيان ما يذكر
[4] إنّ الحكماء و الفلاسفة- كما في غير واحد من كتبهم- فسّروا إرادة اللّه تعالى بعلمه، مع أن العلم عين ذاته تعالى، و إرادته فعله و إحداثه، كما ورد عن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث: و أمّا من اللّه تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك ...، فإرادة اللّه الفعل لا غير ذلك،-