و قال الحافظ الشامي في معراجه [1] بعد نقله لكلام صاحب المواهب: هذا و هو كذب بلا شكّ انتهى.
فجزم ببطلانه مع نقل غير واحد له من أهل اللّه و غيرهم، و ممن نقله الشيخ الأستاذ المربي القطب أبو زين العابدين سيدي المختار بن أحمد بن أبي بكر الكنتي، ثم الوافي في نزهة الراوي، و بغية الحاوي في الباب الخامس منه في بدء الوحي و الإسراء، و ربك أعلم بما في نفس الأمر.
و في «روح البيان» لدى قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ [الإسراء: 1] الآية أثناء كلامه على قصة الإسراء ما نصه:
قال (صلى اللّه عليه و سلّم) سألني ربي فلم أستطع أن أجيبه، فوضع يده بين كتفي بلا تكييف و لا تحديد، قال: أي يد قدرته؛ لأنه سبحانه منزّه عن الجارحة، فوجدت بردها فأورثني علم الأولين و الآخرين، و علمني علوما شتى، فعلم أخذ على كتمانه؛ إذ علم أنه لا يقدر على حمله غيري، و علم خيرني فيه، و علم أمرني بتبليغه إلى العام و الخاص من أمتي و هو الإنس و الجن.
قال: و هذا التفصيل يدل على أن العلوم الشتى هذه العلوم الثلاثة، كما يدل عليه الفاء و هي زائدة على علوم الأولين و الآخرين، فالعلم الأول من باب الحقيقة الصرفة، و الثاني من باب المعرفة، و الثالث من باب الشريعة، انتهى منه بلفظه.
و قال العلّامة ابن زكرى في شرحه لصلاة ابن مشيش ما نصه: جميع علوم النبيين و المرسلين تنزلت فيه (صلى اللّه عليه و سلّم)، كما يدل عليه قوله: «أورثني ربي علم الأولين و الآخرين».
و في شرح البردة للزركشي عن ابن عباس أنه (عليه السّلام) لما ولد قال في أذنه رضوان خازن الجنان: أبشر فما بقي لنبيّ علم-: أي بكسر فسكون- إلا قد أعطيته، فأنت أكثرهم علما، و أشجعهم قلبا انتهى.
و هذا الذي نقله عن ابن عباس ذكر في المواهب اللدنية أنه رواه الحافظ أبو بكر بن
[1] يقصد الصالحي صاحب سبل الهدى و الرشاد، في الآيات البينات، و الآيات العظيمة، و اللّه أعلم.