بنحو من الاتحاد كان بنحو الحلول، أو الانتزاع، أو الصدور و الايجاد
و انما قيدنا الانتزاع عن الذات بكونه غير منتزع عن مقام نفس الذات، لان المفاهيم المنتزعة الحاكية عن الشيء على قسمين:
«الاول» ما كان منتزعا عن مقام نفس الذات بلا اتصاف بأمر خارج عنها، كالانسانية المنتزعة عن الانسان و الناطقة و الجسمية و غيرها، و يلحق بهذا القسم نحو الامكانية و الوجوبية و الامتناعية.
«الثاني» ما كان منتزعا عن مقام اتصاف الذات بأمر خارج متحد مع الذات، كالضاربية التي هي منتزعة عن مقام اتصاف الذات بمبدئها عن الضرب، و هذا القسم هو محل الكلام.
أما القسم الاول فهو خارج، اذ يشترط في المشتق بقاء الذات، و لا يعقل بقائها مع زوال خصوصياتها كما هو شأن الجوامد، فلو ذهبت الانسانية- بأن صار ترابا- لم يكن انسانا، و كذا لو ذهب الامكان فرضا.
و الحاصل: ان النزاع فيما كان منتزعا عن مقام اتصاف الذات مما كان متحدا معها (بنحو من) انحاء (الاتحاد) الحقيقي أو العرفي سواء (كان) الاتحاد (بنحو الحلول) بأن كان المبدأ حالّا في الذات، كالابيض و الاسود و غيرهما من الالوان (أو) بنحو (الانتزاع) كالمالك (أو) بنحو (الصدور) بأن يصدر المبدأ من الذات كالضارب، فان اتحاد الذات بالضرب صدوري (و الايجاد) عطفه بالواو يدل على كونه عطف بيان للصدور، و يحتمل الفرق بينهما بأن يراد بالاول ما كان المبدأ فيه قائما بغير الفاعل، و ان كان صادرا منه كالضارب فان الضرب صادر عن الفاعل قائم بالمفعول.