و إن توقّف الاحتياط على التكرار فالظاهر- أيضا- جواز التكرار، بل أولويّته على الأخذ بالظنّ الخاصّ؛ لما تقدّم: من أنّ تحصيل الواقع بطريق العلم و لو إجمالا أولى [1] من تحصيل الاعتقاد الظنّيّ به [2] و لو كان تفصيلا. و أدلّة الظنون الخاصّة [3] إنّما دلّت على كفايتها عن الواقع، لا تعيّن العمل بها في مقام الامتثال.
[1] وجه الأولويّة: إمكان وقوع الخطأ في الاعتقاد التفصيليّ الظنّيّ و لو مع كونه ظنّا خاصّا معتبرا، بخلاف الاحتياط فإنّه يدرك به المصالح الواقعيّة النفس الأمريّة، كما لا يخفى.
[2] الضمير يعود إلى «الواقع».
إشكال و جواب حول الأخذ بالاحتياط و تشريعه
[3] هذا جواب عن إشكال مقدّر، بتقريب أنّ أدلّة حجّيّة الظنون الخاصّة تدلّ بظاهرها على وجوب العمل بها متعيّنا، و مع هذا لا يبقى مجال للمتمكّن من تحصيل خبر الثقة و فتوى المجتهد مثلا أن يرفع اليد عنهما و يأخذ بالاحتياط بتكراره العمل.
و بعبارة اخرى: مع وجود أدلّة دالّة على وجوب العمل بالظنون الخاصّة- كخبر الثقة و الفتوى- لا يبقى وجه لتشريع الاحتياط.
و الجواب عنه: أنّ غاية ما يستفاد من تلك الأدلّة إجزاء العمل بها و أنّ العمل بها مبرئ للذمّة و إن لم يصب الواقع، فلا دلالة لها على تعيّن الأخذ بها و العمل عليها.
و بعبارة اخرى: أنّ وظيفة المكلّف هو تحصيل تكليفه من طرق شرعيّة معتبرة، و تشريع العمل بالخبر و الفتوى هو من باب أنّهما أسهل الطرق في مقام الامتثال، لا أنّهما متعيّنان لا غير.