نام کتاب : المهدي المنتظر عند الشيعة الإثنى عشرية نویسنده : دودو ابو العيد جلد : 1 صفحه : 196
و تسير قصة البداء بموازاة التقية أو ترتبط بها، فيقال إن أئمة الشيعة يقدمون أنفسهم إلى طوائفهم على أساس أنهم أنبياء، و من عادتهم، إذا ما تحققت نبوءتهم، أن يشيروا إلى النبوءة، أما إذا لم يتحقق منها شيء، فإن المسئولية لا تقع عليهم، بل تقع على بداء الله
84
.
و يروى أن المختار هو أول من عبر عن هذه الفكرة من بين الشيعة، فلكي يقنع أتباعه بنفسه و بوحيه، كان يلجأ إلى البداء لتبرير سياسته عند فشل مشروع من مشاريعه
85
.
لقد اتجه الشيعة، جوابا على اعتراضات غيرهم ممن لا يريدون الاعتراف بالبداء، إلى وضع هذا المبدأ في نفس الدرجة و جعلوا مفهومه بالطريقة نفسها في حديث في «النسخ» ، فما قيل عن «النسخ» في القرآن، يجب أن يقال أيضا عن «البداء» ، لأن الاثنين يقومان على أساس واحد.
إن البداء، الذي كرهه أعداء الشيعة و حاربوه، ليس شيئا آخر غير النسخ، الذي يعترف به جميع المسلمين. ذلك أن النسخ إنما هو تعويض الله آيات قرآنية بآيات أخرى، و الفكرة نفسها تكمن في البداء، الذي لا يتعدى أن يكون تمديد النسخ إلى الأئمة. فالفرق إذن ظاهري و لا يتصل إلا بالإمام
86
. و قد قدم المختار الدليل بشكل منطقي: إذا كان النسخ مسموحا به في الأحكام فينبغي أن يكون البداء في الأخبار جائزا أيضا
87
.
لقد انتشر البداء كما انتشرت التقية انتشارا كبيرا في علم الكلام الشيعي، لكن الشيعة، عند ما اتصلوا بالمعتزلة، أهملوا البداء نوعا ما كما يذكر المعتزلي ابن الخياط في كتاب الانتصار