ليلة المولد

أ رأيت إلى رحمة اللّه السّماويّة كيف تنتظم العالم أدناه و أقصاه* و إلى نفحته القدسيّة الفردوسيّة كيف تغمر الأرض و السّماوات و كلّ ما خلق اللّه* و إلى أنواره العليّة الإلهيّة* كيف تتجلّى على الكون و تكشف دجاه* كلّ ذلك قد قضى اللّه به حين أشرقت الذّات المحمّديّة* و عمّ العالمين وضح‌ [1] سناه و نور محيّاه* سبحانك اللّهمّ لقد سننت في هذه اللّحظة أشرف مبادئ الإنسانيّة* و شرعت أسمى مناهج الخير و أشرف مقاصد الحياة.

كان ذلك في فجر اليوم التّاسع من ربيع الأوّل سنة إحدى و سبعين و خمسمائة ميلاديّة* و كان الرّبيع في أبدع حلاه و أطيب شذاه* و كانت آمنة في أصفى حالاتها الرّوحيّة و الوجدانيّة* حين حفّها اللّه برحمته و رفّها بنعماه‌ [2]* فما ابتسم الفجر حتّى وضعته ( صلّى اللّه عليه و سلّم ).

[1] الوضح: الضوء، أو بياض الصبح، أو البياض من كلّ شي‌ء.

[2] رفّ فلانا: أحسن إليه و أكرمه. يقال: حفّه و رفّه: أحاطه و أحبه و أشفق عليه.