نام کتاب : المولد النبوي الشريف نویسنده : الهواري، صلاح الدين جلد : 1 صفحه : 267
و على هذا السّنن من تأديب اللّه* سار رسول اللّه في صباه* فكان أكمل الصّبيان* كما كان أفضل الفتيان*
و في عهد شبابه ( صلّى اللّه عليه و سلّم )* بلغ الذّروة الشّمّاء [1]* و الغاية العصماء* من كمال النّفس و العقل و الرّوح و البدن* فكان أكمل النّاس رجولة* كما كان أطهرهم طفولة* و ليس أدلّ على تفرّده بالكمال المكين* من إجماع قومه على تسميته بالأمين* و هو لقب ألبسوه أوضاحه و حلاه* و لم يمنحوه أحدا سواه*
و لمّا بلغ الخامسة و العشرين* أرسلت إليه خديجة بنت خويلد* و كانت من أكرم عقائل قريش و أشرفهنّ حسبا* و أكملهنّ أدبا- تقول له: «يا ابن عمّ! إنّي قد رغبت فيك لقرابتك و أمانتك و حسن خلقك* و صدق حديثك»، ثمّ عرضت عليه الزّواج فارتضاه* و ما رئي زوجان كانا أكرم مثالا* و أكمل كمالا* و أصدق ولاء* و أوثق وفاء* من محمّد سيّد المرسلين* و خديجة أمّ المؤمنين*
و حين بلغ الرّسول الأمين الخامسة و الثّلاثين اشترك هو و أشرف قريش في بناء الكعبة الزّهراء و كان قد طغى عليها السّيل فصدّع جدرانها* و ضعضع أركانها [2]* حتّى إذا بلغوا موضع الحجر اختلفوا أيّهم يرفعه و اشتدّ الخلاف و احتدم* حتّى همّوا بأن يحلّوه بالسّيف و الدّم* ثمّ اتّفقوا على تحكيم أوّل قادم* فما لبثوا أن أهلّ عليهم سيّد الأنام* عليه الصّلاة و السّلام* فلمّا رأوه قالوا: هذا محمّد* هذا