نشيد
اللّهمّ صلّ على المصطفى * * * نبيّ الرّسالة و بحر الوفا
و من أعجب الأمر هذا الخفا * * * و هذا الظّهور لأهل الوفا
و ما في الوجود سوى واحد * * * و لكن تكدّر لمّا صفا
و أصل جميع الورى نقطة * * * على عين أمر بدت أحرفا
و تلك الحروف عدّت كلمة * * * فكانت مشوق الحشى المدنفا
و إن قلت لا شيء قلنا نعم * * * هو الحقّ و الشّيء فيه اختفى
و إن قلت شيئا يقول الّذي * * * له الحقّ أثبتا كيف انتفى
و ضجّ الحسود و لم يتّئد * * * و لام العذول و ما أنصفا
و قد حال بينك يا عاذلي * * * و بيني بأنّك لن تعرفا
و أين ضلوعي الّتي في لظى [1] * * * و أين زفيري الّذي ما غفا
أ لم تر أنّ المحبّين لا * * * يرون النّعيم بغير الجفا
فهلّا رويدا فإني امروء * * * تركت سلوّي لمن عنّفا [2]
و خلّفت خلفي جميع الورى * * * و قلبي على قلبه أشرفا
و لمّا شربت كئوس الهنا * * * و ذقت المدامة و القرقفا [3]
أزيلت صفاتي فلا وصف لي * * * عيوني أضاءت بمن اختفى
فما أنا إلّا هيول الورى * * * و لمعة نور من المصطفى [4]
[1] اللّظى: لهب النار الخالص لا دخان فيه.
[2] السّلوّ: النسيان، يقال: سلاه، و سلا عنه سلوا، و سلوّا، و سلوانا: نسيه و طابت نفسه بعد فراقه.
[3] القرقف: الخمر، أو الماء البارد الصافي.
[4] الهيولى: مادة الشيء التي يصنع منها، و هي عند القدماء: مادة ليس لها شكل و لا صورة معينة، قابلة للتشكيل و التصوير.