ثم سأل آدم ربه أن يجعله في مكان يراه آدم، فجعله في الإصبع السبابة. فكان نور محمد (صلّى اللّه عليه و آله) فيها، و نور علي (عليه السلام) في الإصبع الوسطى، و فاطمة (عليها السلام) في التي تليها، و الحسن (عليه السلام) في الخنصر، و الحسين (عليه السلام) في الإبهام. و كانت أنوارهم كغرة الشمس في قبة الفلك أو القمر في ليلة البدر.
و كان آدم إذا أراد أن يغشي حواء يأمرها [أن] [1] تتطيب و تتطهر، و يقول لها: «يا حواء، إن اللّه يرزقك هذا النور و يخصك به، فهو وديعة اللّه و ميثاقه». فلم يزل نور رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في غرة آدم حتى حملت حواء بشيث.
و كانت الملائكة يأتون حواء و يهنّئونها. فلما وضعته نظرت بين عينيه إلى نور رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يشتعل اشتعالا، ففرحت بذلك. و ضرب جبرئيل (عليه السلام) بينها و بينه حجابا من نور، غلظه مقدار خمسمائة عام. فلم يزل محجوبا محبوسا حتى بلغ شيث (عليه السلام) مبالغ الرجال و النور يشرق في غرته.
فلما علم آدم (عليه السلام) أن ولده شيث (عليه السلام) بلغ مبالغ الرجال قال له: يا بنيّ، إني مفارقك عن قريب، فادن مني حتى آخذ عليك العهد و الميثاق كما أخذه اللّه تعالى عليّ من قبله.
ثم رفع آدم رأسه نحو السماء و قد علم اللّه ما أراد. فأمر اللّه الملائكة أن يمسكوا عن التسبيح و لفّت أجنحتها، و أشرفت سكان الجنان من غرفاتها، و سكن صرير أبوابها و جريان أنهارها و تصفيق أوراق أشجارها، و تطاولت لاستماع ما يقول آدم! و نودي:
«يا آدم، قل ما أنت قائل».
فقال آدم: «اللهم رب القدم قبل النفس و منير القمر و الشمس، خلقتني كيف شئت، و قد أودعتني هذا النور الذي أرى منه التشريف و الكرامة و قد صار لولدي شيث، و إني أريد أن آخذ عليه العهد و الميثاق كما أخذته عليّ. اللهم و أنت الشاهد عليه».