ثم عجن هذه الأشياء في طينة محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، ثم خلق من بعدهم أرواح المؤمنين من أمة محمد (صلّى اللّه عليه و آله). ثم خلق الشمس و القمر و النجوم و الليل و النهار و الضياء و الظلام و سائر الملائكة من نور محمد (صلّى اللّه عليه و آله).
فلما تكاملت الأنوار سكن نور محمد تحت العرش ثلاث و سبعين ألف عام. ثم انتقل نوره إلى الجنة فبقي سبعين ألف عام، ثم انتقل إلى سدرة المنتهى فبقي سبعين ألف عام. ثم انتقل نوره إلى السماء السابعة، ثم إلى السماء السادسة، ثم إلى السماء الخامسة، ثم إلى السماء الرابعة، ثم إلى السماء الثالثة، ثم إلى السماء الثانية، ثم إلى السماء الدنيا.
فبقي نوره في السماء الدنيا إلى أن أراد اللّه تعالى أن يخلق آدم أمر جبرئيل أن ينزل إلى الأرض و يقبض منها قبضة. فنزل جبرئيل فسبقه اللعين إبليس فقال للأرض: «إن اللّه تعالى يريد أن يخلق منك خلقا و يعذّبه بالنار. فإذا أتتك ملائكته فقولي: أعوذ باللّه منكم أن تأخذوا مني شيئا يكون للنار فيه نصيب».
فجاءها جبرئيل، فقالت: إني أعوذ بالذي أرسلك أن تأخذي مني شيئا. فرجع جبرئيل و لم يأخذ منها شيئا. فقال: يا رب، قد استعاذت بك مني فرحمتها. فبعث ميكائيل فعاد كذلك. ثم أمر إسرافيل فرجع كذلك.
فبعث عزرائيل فقال: «و أنا أعوذ بعزة اللّه أن أعصي له أمرا». فقبض قبضة من أعلاها و أدونها و أبيضها و أسودها و أحمرها و أخشنها و أنعمها. فلذلك اختلف أخلاقهم و ألوانهم، فمنهم الأبيض و الأسود و الأصفر.
فقال له تعالى: أ لم تتعوّذ منك الأرض بي؟ فقال: نعم، لكن لم ألتفت له فيها، و طاعتك يا مولاي أولى من رحمتي لها. فقال له اللّه تعالى: لم لا رحمتها كما رحمها أصحابك؟ قال: طاعتك أولى. فقال: اعلم إني أريد أن أخلق منها خلقا أنبياء و صالحين و غير ذلك، و أجعلك القابض لأرواحهم.