الإمام علي (عليه السلام) بعد فاطمة (عليها السلام)
بقيت حالة الحزن و الأسى كامنة في قلب الإمام علي (عليه السلام) بعد فقدانه للزهراء (عليها السلام) و كان ذلك الحزن ينصب في صدر الإمام بين الحين و الآخر، فكان حينما لا يجد من يبث إليه ما يختلج في صدره يجلس عند حافة بئر و يلقي ما عنده من هموم و غموم فيه، و تحمّل الإمام كل العناء الذي لاقاه و بقي في حد قوله: «صبرت و في العين قذى و في الحلق شجى». و كان من جملة ما أنشد (عليه السلام) في رثاء الزهراء (عليها السلام):
نفسي على زفراتها محبوسة * * * يا ليتها خرجت مع الزفرات
لا خير بعدك في الحياة و إنما * * * أبكي مخافة أن تطول حياتي
***
فراقك أعظم الأشياء عندي * * * و فقدك فاطم أدهى الثكول
سأبكي حسرة و أنوح شجوا * * * على خلّ مضى أسنى السبيل
أ لا يا عين جودي و اسعديني * * * فحزني دائم أبكي خليلي
***
حبيب ليس يعدله حبيب * * * و ما لسواه في قلبي نصيب
حبيب غاب عن عيني و جسمي * * * و عن قلبي حبيبي لا يغيب
***
ما لي وقفت على القبور مسلما * * * قبر الحبيب فلم يردّ جوابي
أ حبيب ما لك لا تردّ جوابيا * * * أنسيت بعدي خلة الأحباب
قال الحبيب: فكيف لي بجوابكم * * * و أنا رهين جنادل و تراب
فعليكم مني السلام تقطّعت * * * عني و عنكم خلة الأحباب