فقال: حيّاك اللّه و مرحبا بك، و سأله عن حاله و حاجته فرأى الرجل منه ما أعجبه.
فلمّا أتى مكة لم يبدأ بشيء حتى أتى المطلب بن عبد مناف فأصابه جالسا في الحجر، فخلا به و أخبره خبر الغلام و ما رأى منه.
فقال المطلب: و اللّه لقد أغفلته و ما كنت بالذي أرجع إلى أهلي و لا مالي حتى أنتهي إليه.
و ركب قلوصا و لحق بالمدينة فقصد محلة بني النجار، فإذا هو بالغلام في غلمان منهم فلمّا رآه عرفه فأناخ له قلوصه، و قصد إليه فأخبره بنفسه و أنه جاء للذهاب به، فما كذب أن جلس على عجز الرجل و ركب المطلب القلوص و مضى به.
و قيل: بل كانت أمّه علمت بمجيئه و نازعته فيه، فقال المطلب:
يا سلمى يا أخت بني النجار * * * كفى حياء و دعي انتهاري
إني و ربّ البيت ذي الأستار * * * لو قد شددت العيس بالأكوار
لراح وسط النفر السنار * * * حتى يرى أبيات عبد الدار
و سار به حتى أتى مكة و هو خلفه، فلمّا رآه الناس قاموا إليه و سلموا عليه و قالوا:
من أين أقبلت؟
قال: من يثرب.
قالوا: و من هذا معك؟
قال: عبد ابتعته.
فلمّا أتى محله اشترى له حلّة فألبسه إياها و أتى به مجلس بني عبد مناف فقال:
هذا ابن أخيكم هاشم، و أخبرهم بخبره.
فقالوا: هو الذي قلت بالأمس إنه عبدك. فغلب عليه اسم عبد المطلب [1].
و نشأ على مكارم الأخلاق و الفضل و السؤدد و الكرم، فسمّي بشيبة الحمد، و في