و ولي بعد عبد الملك بن مروان ابنه الوليد بن عبد الملك لعنه اللّه، و كان قبيح الفعل، خبيث الولاية، بذيء اللسان سفيها، و ذكره الواقدي فقال: كان جبارا عنيدا، و هو أول من غيّر مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن بنائه الذي بناه، و ذلك في صفر سنة ثمان و ثمانين، و كان قد ولّى عمر بن عبد العزيز المدينة، فكتب إليه يأمره بهدم مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هدم بيوت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التي كان فيها أزواجه و إدخالها في المسجد و إدخال ما يليها من الدور، حتى تكون مائتي ذراع في مائتي ذراع.
و أمره أن يقدّم القبلة، و أمره أن يعرض على أهل الدور التي تلي المسجد ببيعها، فإن باعوها منه و إلّا أكرههم و أعطاهم قيمتها، ففعل ذلك عمر.
و كتب الوليد إلى ملك الروم يستعينه في بناء مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله، و يخبره أنه قد هدّمه، ففرح بذلك ملك الروم و أرسل إليه مائة ألف دينار و مائة عبد يعملون، و أرسل إليه من الفسيفساء أربعين جملا.
و أمر بأن يتتبع ما في المدائن التي خرّبت، و يوجه بما وجد منها إلى الوليد، و أعجبه تغيير مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هدمه، و أن يكون بناءه بماله و رجاله، ليرى الناس أنه أهل له، فأرسل ذلك الوليد إلى عمر بن عبد العزيز فبنى به مسجد
[1]- مناقب آل أبي طالب: 3/ 397، تهذيب الكمال: 5/ 97.