و كان عبد مناف شريفا بنفسه و بأبيه، لا يدفع شرفه و لا ينازع فيه، و كان عبد الدار أكبر ولد قصي و كان فيه ضعف، و كان عبد مناف أشرف ولد قصي قد شرف في حياة أبيه، فادعى من لم يشرف بنفسه من بنيه الفضل به مع من شرف بنفسه و بشرفه، و قد بينّا أن ذلك لا يصلح لمن ادعاه، و سنذكر من ادعى ذلك و فساد دعواه.
و قيل: إن قصيا لمّا كبر و رأى تخلف عبد الدار، و هو يكره علو عبد مناف عليه رق له و حمى فيه و أراد أن يجعل له شرفا، فأعطاه مفتاح الكعبة و اللواء، و أعطى عبد مناف السقاية و الرفادة و دار الندوة، و اللّه عزّ و جلّ يؤتي الفضل من يشاء من عباده، فجعل عزّ و جلّ الفضل و الشرف في عبد مناف، و نقل النبوة إلى صلبه و جعلها في عقبه إلى ما خصه به من مكارم الأخلاق التي وصفناها و الفضائل التي عددناها.