سترها، و لم يتمالك أن أبدى ما في ضميره من حقدها، لنفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إياه و لعنته إياه، و لو وجد سبيلا إلى إظهار الكفر لأظهره أو إلى تكذيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما ستره، و قد ذكرنا من عداوته لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته ما أبداه من منع الحسن أن يدفن مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قبل ذلك ما أشار على معاوية و قد صار إلى الكوفة أن ينبش قبر علي عليه السّلام، فجعل معاوية يسأل عن مكان قبر علي عليه السّلام و قد كان الحسن أخفاه خوفا عليه، فأتى معاوية رجل من أهل الكوفة فقال: أنا أدلك على قبر علي.
فقال لمروان: ما تقول؟
فقال متمثلا:
أجنوا أخاهم في الحفير و وسدوا * * * أخاهم فألقوا عامرا لم يوسّد
و حرّضه على نبش قبر علي عليه السّلام، فقال معاوية لعنه اللّه لعبد اللّه بن عامر بن كريز:
ما تقول؟
فقال: ما أحب أن تعلم مكان قبره و لا تسأل عنه، و لا أحب أن تكون هذه العقوبة بيننا و بين قومنا.
فقبل معاوية من عبد اللّه ما أشار به عليه و أعرض عن ذلك.
هذا و قد كان علي عليه السّلام أسر مروان هذا يوم الجمل، و أشار عليه أصحابه بقتله لما يعلمون من سوء حاله، فمنّ عليه علي عليه السّلام و أطلقه، فما حفظ ذلك الامتنان و لا رعى ذلك الإحسان، بل زاده عداوة لخساسة نفسه و لؤم أصله.
و جعل يزيد الأمر من بعده لابنه معاوية، فلمّا مات يزيد ولّى معاوية بعده فقيل:
إنه تحرّج منها و علم اغتصاب أبيه و جدّه إياها، و أراد أن يسلمها إلى أهلها، فعمل عليه مروان و بنو أمية فسمّ.
و قيل: بل قتل، و قيل: بل طعن.
و ذلك بعد وفاة أبيه يزيد بأربعين يوما، و قيل: بل عشرين يوما.
و زعم الذين قالوا: إنه تحرّج من الخلافة و خرج منها، أنه أمر فنودي في الناس