كان أول ما استفز به معاوية طغام الشام، أن عمد إلى قميص فخضّبه بدم و رفعه على قناة و قال: هذا قميص خليفتكم المظلوم [1].
و أمر أن يدار به في أعمال الشام يستفزهم بذلك، و بذل من دنياه لمن نفر إليه منهم و أتاه ما أرغبه به و أرضاه، و معاوية كان أشهد في قتل عثمان ممّن قتله، إذ توسل بذلك إلى ما توسل به و هو كان ممّن خذله فيمن خذل، و ذلك أنه بعث إليه المسور بن مخرمة و قد همّ الناس به لينصره، فقال مسور: فجئت إليه برسالة عثمان فقلت: يا معاوية أغث ابن عمك و خليفتك، فإنه مقتول إن تركته.
فقال لي يا مسور ما أصنع بعثمان، إن عثمان بدأ فعمل بما شاء اللّه أن يعمل به ثم غيّر فغيّر اللّه حاله، فأقوم فأرد أنا ما غيّر اللّه؟
فحدّث المسور بهذا الحديث لمّا قام معاوية يطلب بدم عثمان و هو مستقبل الكعبة ثم قال: و ما أقبل من هذا البيت و ما أدبر لهذا قول معاوية لي، ثم خرج عدو اللّه يطلب بدمه [2].
و كذلك أمر عائشة، و ذلك أنها نقمت على عثمان أنه نقصها ممّا كان يعطيها عمر.
فقالت: إذا كنت تنقصني ممّا جعل لي عمر فأعطني ميراثي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
قال: أو لست الشاهدة في دفع فاطمة عن ميراثها منه أنه قال: إنّا معشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة.
فكانت له مغاضبة و عليه عاتية إلى أن حصر، فخرجت تريد الحج فجاءها مروان بن الحكم و عبد الرحمن بن عتاب فقالا: يا أم المؤمنين تذهبين و تدعين هذا الرجل قد تظاهر عليه الناس، فلو أقمت تذبّين عنه.
قالت: ما أستطيع قد أخذت في حوائج الحج فما كنت بقاعدة دونه.