على نفسه فأسلم على يديه و جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد ذلك [1].
ثم إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة يريد العمرة و زيارة البيت لا يريد قتال أحد، و خرج معه سبعمائة رجل من المهاجرين و الأنصار، و انتهى الخبر إلى أبي سفيان فاستنفر قريشا و خرجوا ليصدوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأخبرهم أن لم يأت لحرب و إنما أتى زائرا للبيت يريد الحج و العمرة و ساق الهدي فأبوا عليه، و مشت الرسل بينهم فصالحهم على أن ينصرف من عامه ذلك و يعتمر من قابل، فنحر الهدي و انصرف صلّى اللّه عليه و آله و أنزل اللّه تعالى: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ[2] الآية و ما فيها و ما بعدها في سورة الفتح، فبشر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الناس بما وعده اللّه من الفتح، ثم افتتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيبر، و أتى جعفر بن أبي طالب و أصحابه من هجرة الحبشة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح خيبر، فقال: «و اللّه ما أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر» [3].
و أعز اللّه الإسلام و كثر المسلمون و أغنمهم اللّه الغنائم و وسّع عليهم في الأموال، و أقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى مثل الوقت الذي صدته فيه قريش عن البيت من العام المقبل، فخرج بأصحابه يريد العمرة حتى دخل مكة فاعتمر و انصرف، و أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يتآلف أبا سفيان، و كانت ابنة أبي سفيان رملة و هي أم حبيبة عند عبد اللّه بن جحش، و كان قد تنصّر و خرج بها إلى أرض الحبشة فمات هناك و هي معه، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى النجاشي ليخطبها عليه.
قالت أم حبيبة: فإني يوما في منزلي بأرض الحبشة فما شعرت إلا بأبرهة جارية النجاشي قائمة تستأذن علي، فأذنت لها فدخلت علي فقالت: إن الملك أرسلني
[1]- تاريخ دمشق: 46/ 119، سير أعلام النبلاء: 3/ 61.