و قالت هند في أبيها عتبة لمّا بارزه عبيدة، ثم مال عليه حمزة و علي عليه السّلام:
أ عيني جودا بدمع سرب * * * على خير خندف لم ينقلب
تداعى له رهطه غدوة * * * بنو هاشم و بنو المطلب [1]
و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد قدّم عبيدة بن الحارث إلى المبارزة، و لمّا قطعت رجله فأدركه لمّا انصرف بالصفراء و قد جرى مخ ساقه و هو لما به، فأتاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و جلس إليه فقال: يا رسول اللّه نحن كما قال أبو طالب:
و نسلمه حتى نصرع حوله * * * و نذهل عن أبنائنا و الحلائل
و قال فيما كان منه:
ستبلغ عنّا أهل مكة وقعة * * * يهب لها من كان عن ذاك نائيا
بعتبة إذ ولّى و شيبة بعده * * * و ما كان فيها بكر عتبة راضيا
فإن تقطعوا رجلي فاني مسلم * * * أرجي بها عيشا من اللّه وافيا
مع الحور أمثال التماثيل أخلصت * * * مع الجنة العليا لما كان عاليا
و بعت بها عيشا تعرفت صفوه * * * و عالجته حتى فقدت الادانيا
و أكرمني الرحمن من فضل منه * * * بثوب من الإسلام غطى المساوئا
و ما كان مكروها إلي قتالهم * * * غداة دعا الأكفاء من كان داعيا
لقيناهم كالأسد نخطر بالقنا * * * و نقتل في الرحمن من كان عاصيا
فما برحت أقدامنا من مقامنا * * * ثلاثتنا حتى أزيروا المثاويا [2]
و مات رحمه اللّه في مكانه بالصفراء، ثم قتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من قتل من الأسارى لمّا
[1]- السيرة النبوية لابن هشام: 2/ 555، البداية و النهاية: 3/ 334.
[2]- السيرة النبوية لابن هشام: 2/ 546، البداية و النهاية: 3/ 334 و 406.