و لم يشمل بالصفوة ذراري النبيين على الكلية، و لا جعل الذرية كلها معا بالسوية، بل انتجب منها الواحد بعد الواحد بالرسالة و الإمامة، فأوجب لمن سلّم لأمره و أطاعه الفضيلة و الكرامة، و أبعد من عند عنه و نفاه كما قد نفى عن نوح من ولده من عصاه، و شرّف اللّه بقرب الفاضل منها من قرب منها، ممن أطاعه و لم يكن عند عنه و نفعه بقربه إليه و جعل له بذلك فضلا لديه، فقال و هو أصدق القائلين في كتابه المنزل المبين: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ[2].
قال أهل التفسير في ذلك: هذا في المؤمن تكون له الدرجة يبلغها بعمله في الجنة، و تكون درجته لا تبلغ بأعمالها درجته تلك، فيرفعها اللّه عزّ و جلّ إليها ليقرّ بها عينه، فيكون اللّه عزّ و جلّ قد زادها في الفضل لمكانه و لم يلبث هو [مكانه] إذ ساوى بينها و بينه، لكنه زاده بذلك فضلا و شرفا [3].
قال بعضهم: و إذا كان ذلك للمؤمن فهو أحرى و أوجب أن يكون لرسول اللّه صلى اللّه عليه و على آله الطيبين، فيكون للمؤمنين منهم المتبعون لأمره المسلمون للفاضل منهم في كل عصر من بعده، درجة في الجنة في درجته.
و ذرية النبي صلّى اللّه عليه و آله هم ولد علي و فاطمة صلوات اللّه عليهما ما تناسلوا لا ذرية غيرهم، و قد دفع بعض جهال الناس ذلك و قالوا: ليس لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذرية، كقول الناصبين له بالعداوة من أهل الجاهلية الذين قالوا: إنه أبتر، أي لا ذرية له، فأنزل اللّه