بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد للّه الأول الأزلي بغير غاية، و الآخر الأبدي الذي عنت الوجوه لعظيم قدرته، و خضعت له الرقاب لجلال هيبته و انحسرت الأبصار دون (...) [1]، و وجلت القلوب من خشيته، و ارتعدت الفرائص من فرقه، فالخلائق معا له عباد داخرون، و الملائكة المقربون، فلديه من مخافته [لا] يجادلون، و له آناء الليل و النهار يسبحون و يقدسون، و يخافون عذابه و ما يذنبون، و يسبح كل شيء بحمده (و يستغفرون) [2].
و صلى اللّه على نبيّه محمد و عبده و صفيه من البرية، و رسوله إلى جميع الأمم الملية و الأمية، الصادع بما أرسل، و الناهض بأعباء ما جاء، و على عليّ وليه و أبي عترته، و وصيه و خليفته في أمته، و على الأئمة البررة الطاهرين من ذريته.
و الحمد للّه خالق الخلق لما أراد، و مستعمل العباد ليجزيهم يوم المعاد، الذي جعل بعضهم لبعض فتنة كما في كتابه ذكره، و فضل بعضهم على بعض كما فيه قد أخبره، و تعبد بعضهم لبعض بالطاعات و رفع بعضهم كما قال عزّ و جلّ: فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ*[3] و اصطفى عليهم منهم صفوة مرضيين فقال و هو أصدق القائلين: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ