نام کتاب : المغازي نویسنده : الواقدي جلد : 0 صفحه : 30
(1) و من المحتمل- فى هذا الصدد- أن يكون الواقدي قد أعرض عن الرواية عن ابن إسحاق نظرا لعدم توثيق علماء المدينة له.
و لكن الرأى الراجح عندنا فى هذا الترك هو أن ابن إسحاق ترك المدينة قبل أن يولد الواقدي. و كان اللقاء الشخصي بين الرواة من أقوى المظاهر فى تطور السيرة فى القرنين الأول و الثاني للهجرة. و الدليل على ذلك- كما ذكرنا من قبل- ما أورده ابن حجر فى ترجمة ابن إسحاق بقوله: و كان خرج من المدينة قديما ... و رواته- أى ابن إسحاق- من أهل البلدان أكثر من رواته من أهل المدينة، لم يرو عنه منهم غير إبراهيم بن سعد [1].
حقا إن أكثر النقاد من المحدثين الأوائل كانوا يضعفون الواقدي فى الحديث، فقد قال البخاري، و الرازي، و النسائي، و الدارقطني: إنه متروك الحديث. و لكن آراء المحدثين لم تكن ضد الواقدي بالإجماع، فإن منهم من وصفه بأوصاف لا تقل قدرا عما وصف به الثقات، فقد وصفه الحافظ الدراوردي بأنه: أمير المؤمنين فى الحديث. و قال يزيد بن هارون: الواقدي ثقة. و وثقه أبو عبيد القاسم بن سلام، و كذلك أبو بكر الصغاني، و مصعب الزبيري، و مجاهد بن موسى، و المسيب، و إبراهيم الحربي [2].
و مع أن أغلب العلماء ينكرونه فى الحديث، فإنه- بغير شك- يعتبر إماما فى المغازي. قال ابن النديم: كان عالما بالمغازى و السير و الفتوح و اختلاف الناس فى الحديث و الفقه و الأحكام و الأخبار [3].
و بمثل ذلك ذكره ابن سعد [4]. و قال إبراهيم الحربي: الواقدي آمن الناس على أهل الإسلام [5]. و نجد فى تاريخ بغداد أقوالا تدل على عظم قدر الواقدي فى علم المغازي و السير.