و مما يرشدك إلى ما حققناه ما يظهر من الاصحاب من الحكم بان من توسط ارضا مغصوبة وجب عليه الخروج فورا و من اقصر الطرق و اذا صادف خروجه آخر الوقت وجب عليه الصلاة حال الخروج. و مقتضى كلامهم صحة هذه الصلاة و عدم وجوب قضائها كما هو المصرح به في كلام بعضهم، مع انهم متسالمون ظاهرا علي ان المتوسط في الارض المغصوبة معاقب بالخروج كالدخول، و ان لم يكن الخروج فعلا منهيا عنه فهو معاقب بالنهى السابق الساقط، فالخروج مع كونه مبعدا و موجبا لحصول مبغوض المولى اي التصرف في الغصب لما اثر في ابطال الصلاة، و وجهه ما ذكرناه.
و العجب ان المحقق صاحب «الكفاية» مع متابعة الاصحاب في ذلك الحكم اختار البطلان في المقام، متمسكا بعدم حصول قصد القربة في مورد العلم و العمد، و عدم صلاحية العبد لان يتقرب إلى المولى في مورد عدم الالتفات مع التقصير.
و أنت خبير بان هذا الدليل جار بعينه في المتوسط في الارض المغصوبة بعد ما فرض كون خروجه كالدخول مستلزما للعقاب و مكروها للمولى، و لا فرق بينهما الا في ان النهى لم يكن فعليا عند الخروج في المثال، و واضح ان هذا الفرق غير فارق فيما هو المهم، مع ان في موارد عدم الالتفات مع التقصير ايضا ليس النهى فعليا، فتدبر.
وهم و دفع
ان قلت: الاتيان بالعبادة من الصلاة أو غيرها موجب لزيادة الغصب و التصرف في الهواء و المكان، فهو مشكل من هذه الجهة.
قلت: لا يعد امثال هذه التصرفات زيادة غصب، و لذا لا يحكمون فيمن حبس في مكان مغصوب بوجوب سكونه و عدم التحرك إلّا بمقدار الضرورة، بل انما يقال في حق من حكم بهذا الحكم: إنّه اظلم من الحابس، و يحكمون بوجوب الصلاة عليه صلاة المختار ظاهرا و صحة الصلوات المأتى بها مدة حبسه، و ليس الوجه فيه إلّا ان هذه الاعمال لا يعد غصبا زائدا، و لعل سره ان الإنسان في كل حالة كان شاغل للهواء و الفضاء بمقدار معين لا يتفاوت هذا المقدار بتفاوت حالاته و اختلاف وضعه، و ليس التصرف في الهواء