في مجال طرق المعيشة نرى : مرحلة الصيد ، والمرحلة الزراعيّة ، والمرحلة الصناعية . وفي مجال النظام الاقتصادي نرى : مرحلة النظام الاشتراكي ومرحلة نظام الرق ، ومرحلة الإقطاع ، والمرحلة الرأسمالية . وعلى صعيد النظام السياسي نشاهد : مرحلة نشوء الدويلات ، ومرحلة الاستبداد ، ومرحلة الارستقراطية ومرحلة الديمقراطية . وعلى الصعيد الجنسي : نرى انقسام التاريخ إلى مرحلة سلطة المرأة ومرحلة سلطة الرجل . . وهكذا في سائر المجالات .
وهنا يطرح فلاسفة التاريخ عادة سؤالاً حول حقيقة تطوّر التاريخ وتكامله . هل التغييرات التي شهدها تاريخ الحياة الاجتماعية للبشر تتّجه نحو التطوّر والتكامل ؟ وما هو معيار التكامل في هذا المجال ؟
بعضهم شكّك في تكامل مسيرة البشرية [1] ، وبعض آخر اعتقد أنّ حركة التاريخ دوريّة ، تبدأ من نقطة ثم تعود إليها بعد أن تطوي عدّة مراحل ، فالتاريخ يعيد نفسه ، وعلى سبيل المثال ، حينما يقوم نظام قبلي قاسٍ على يد أفراد يتميّزون بطابع البداوة ، فإنّ هذا النظام يؤدّي بطبيعته إلى قيام نظام أرستقراطي . والنظام الارستقراطي بما فيه من احتكار للسلطة يؤدّي إلى ثورة شعبيّة واستتباب حكم ديمقراطي . الفوضى والإفراط في ممارسة الحريات الممنوحة في النظام الديمقراطي ؛ يجرّان إلى عودة الاستبداد والقسوة وعودة الروح القَبَليّة .
لسنا هنا في صدد مناقشة هذه المسألة ، فنتركها إلى فرصة أُخرى ، ونبني بحثنا على قبول التطوّر في مسيرة التاريخ العامة .
[1] راجع : ما هو التاريخ ، ام ، اج ، كار . ودروس التاريخ ، ويل ديورانت . ولذائذ الفلسفة ، ديورانت .