وقال الرسول أيضاً : ( اللّهمّ بارك لنا في الخبز ، لولا الخبز ما تصدقنا ولا صلّينا ) . وهذه العبارة تفرز نفس المفاهيم المذكورة .
واليوم ، قد أُشيع بين الناس أنّ نشاطات الأنبياء كانت مقتصرة على مسائل البناء الفوقي ، وكانوا يستهدفون دعوة الناس إلى الإيمان والصلاح والعقيدة والأخلاق والسلوك الحسن ، ولم يكن لهم شأن بمسائل البناء التحتي ، أو أنّ مسائل البناء التحتي كانت تأتي بالدرجة الثانية من الأهمية لهم ، أو أنّهم كانوا يعتقدون أنّ كل الأُمور يتم إصلاحها تلقائياً حينما يؤمن الناس بالرسالة ، وأنّ مظاهر العدالة والمساواة تستتب من تلقاء نفسها في المجتمع المؤمن ، إذ سيتقدّم المستثمرون بأنفسهم ليعيدوا إلى المحرومين والمستضعفين حقوقهم ، وبعبارة أُخرى : إنّ الأنبياء يحققون أهدافهم بسلاح العقيدة والإيمان ، وأتباعهم ينبغي أن يسلكوا نفس هذا الطريق .
وهذه الإشاعة ليست إلاّ مكراً وخداعاً ، ينشرها المستثمرون ورجال الدين المرتبطون بهم من أجل مسخ تعاليم الأنبياء ، وهذا التضليل أضحى مقبولاً بين الأكثرية الساحقة من أبناء الأُمّة ، وعلى حدّ قول ماركس : ( أولئك الذين يستطيعون أن يصدّروا إلى المجتمع بضاعة مادية ، قادرون أيضاً أن يصدّروا إليه بضاعة فكرية . أولئك الذين يحتلون مركز القيادة المادية للمجتمع ، هم قادة المعنويات وأصحاب السلطة الفكرية أيضاً [1] .