الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الْقَذْفِ:
وَ هُوَ قَوْلُهُ:
زَنَيْتَ أَوْ لُطْتَ أَوْ أَنْتَ زَانٍ، وَ شِبْهُهُ مَعَ الصَّرَاحَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ بِمَوْضُوعِ اللَّفْظِ بأَيِّ لُغَةٍ كَانَ، أَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ:
لَسْتَ وَلَدِي. فَلَوْ قَالَ لِآخَرُ: زَنَىٰ بِكَ أَبُوكَ أَوْ يَابْنَ الزَّانِي، حُدَّ لِلْأَبِ. وَ لَوْ قَالَ: زَنَتْ بِكَ أمُّكَ أَوْ يَابْنَ الزَّانِيَةِ حُدَّ لِلْأُمِّ وَ لَوْ قَالَ: يَابْنَ الزَّانِيَيْنِ، فَلَهُمَا. وَ لَوْ قَالَ: وُلِدْتَ مِنَ الزِّنَى، فَالظَّاهِرُ الْقَذْفُ لِلْأَبَوَيْنِ.
وَ مَنْ نَسَبَ الزِّنَى إِلَى غَيْرِ الْمُوَاجَهِ
فَالْحَدُّ لِلْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ وَ يُعَزَّرُ لِلْمُوَاجَهِ إِنْ تَضَمَّنَ شَتْمَهُ وَ أَذَاهُ، وَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: زَنَيْتُ بِكِ، احْتُمِلَ الْإِكْرَاهُ فَلَا يَكُونُ قَذْفاً لَهَا وَ لَا يَثْبُتُ الزِّنَى فِي حَقِّهِ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
وَ الدَّيُّوثُ وَ الْكَشْخَانُ وَ الْقَرْنَانُ قَدْ يُفِيدُ الْقَذْفَ
فِي عُرْفِ الْقَائِلِ فَيَجِبُ الْحَدُّ لِلْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ، وَ إِنْ لَمْ يُفِدْ فِي عُرْفِهِ وَ أَفَادَتْ شَتْماً عُزِّرَ، وَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَائِدَتَهَا أَصْلًا فَلَا شَيْءَ، وَ كَذَا كُلُّ قَذْفٍ جَرَى عَلَى لِسَانِ مَنْ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ وَ لَا التَّأَذِّي وَ التَّعْرِيضُ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ لَا الْحَدَّ، مِثْلَ: هُوَ وَلَدُ حَرَامٍ أَوْ أَنَا لَسْتُ بِزَانٍ وَ لَا أُمِّي زَانِيَةً، أَوْ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ وَ كَذَا يُعَزَّرُ بِكُلِّ مَا يَكْرَهُهُ الْمُوَاجَهُ مِثْلَ الْفَاسِقِ وَ شَارِبِ الْخَمْرِ وَ هُوَ مُسْتَتِرٌ، وَ كَذَا الْخِنْزِيرُ وَ الْكَلْبُ وَ الْحَقِيرُ وَ الْوَضِيعُ إِلَّا مَعَ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ مُسْتَحِقّاً لِلِاسْتِخْفَافِ.
وَ يُعْتَبَرُ فِي الْقَاذِفِ الْكَمَالُ
فَيُعَزَّرُ الصَّبِيُّ وَ يُؤَدَّبُ الْمَجْنُونُ، وَ فِي اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فِي كَمَالِ الْحَدِّ قَوْلَانِ، وَ فِي الْمَقْذُوفِ الْإِحْصَانُ أَعْنِي الْبُلُوغَ وَ الْعَقْلَ وَ الْحُرِّيَّةَ وَ الْإِسْلَامَ وَ الْعِفَّةَ فَمَنْ جُمِعَتْ فِيهِ وَجَبَ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ وَ إِلَّا التَّعْزِيرُ، وَ لَوْ قَالَ لِكَافِرٍ أُمُّهُ مُسْلِمَةٌ: يَابْنَ الزَّانِيَةِ، فَالْحَدُّ لَهَا فَلَوْ وَرِثَهَا الْكَافِرُ فَلَا حَدَّ. وَ لَوْ تَقَاذَفَ الْمُحْصَنَانِ عُزِّرَا وَ لَوْ تَعَدَّدَ الْمَقْذُوفُ تَعَدَّدَ الْحَدُّ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْقَاذِفُ أَوْ تَعَدَّدَ، نَعَمْ لَوْ قَذَفَ جَمَاعَةً