نام کتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) نویسنده : البرزنجي، جعفر بن حسن جلد : 1 صفحه : 606
[سماحته صلى اللّه عليه و سلم]
(و) كان صلى اللّه عليه و سلم (يقبل) غالبا (المعذرة) أى الاعتذار ممن اعتذر إليه فى ارتكاب أمر غير لائق صادقا كان فى اعتذاره أو كاذبا، و يحكم فيه بالظاهر و يكل سريرته إلى اللّه تعالى، كما وقع لكعب بن زهير و غيره. و قد صح أنه صلى اللّه عليه و سلم قبل من المتخلفين عنه فى غزوة تبوك عذرهم حين اعتذروا إليه فى تخلفهم، و وكل سرائرهم إلى اللّه حتى نزل القرآن بفضيحة منافقيهم و توبة الصادقين المخلصين.
و من هذا عفوه صلى اللّه عليه و سلم عن حاطب بن أبى بلتعة- رضى اللّه عنه- لما اعتذر إليه.
(و) كان صلى اللّه عليه و سلم (لا يقابل أحدا بما) بشيء من القول أو الفعل (يكره) أى يكرهه بل يغضى عنه و إن كان حقيقا بذلك ما لم تقتضيه مصلحة شرعية ترجح فعله على تركه، و ذلك عند الإمكان فلا يرد: تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ[1]. و روى عن عائشة- رضى اللّه عنها أنها قالت: «ما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منتصرا من مظلمة ظلمها ما لم ينتهك من محارم اللّه شيء».
قال العلماء: و إنما لم ينتقم النبيّ صلى اللّه عليه و سلم ممن ظلمه مع أن مرتكبها قد باء بإثم عظيم سيّما لبيد بن الأعصم الذي سحره، و اليهودية التي سمّته؛ لأنه حق آدمى يسقط بالعفو بخلاف حقوق اللّه. فإن قلت: ظلمه صلى اللّه عليه و سلم إيذاء له، و إيذاؤه كفر، و هو حق اللّه فكيف يسقط بعفوه؟.
أجيب عنه: لا نسلم أن مطلق إيذائه كفر؛ أ لا ترى إلى من جذب رداءه حتى أثّر فى عنقه فعفا عنه و أعطاه حمل بعيريه. قالوا: و الحاصل أن إيذاءه