نام کتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) نویسنده : البرزنجي، جعفر بن حسن جلد : 1 صفحه : 605
[عطفه صلى اللّه عليه و سلم على المساكين]
(و) كان صلى اللّه عليه و سلم (لا يحقر) بفتح التحتية و سكون المهملة و كسر القاف، من باب ضرب- أى لا يهين و لا ينقص (فقيرا دفعه) بالدال، أى ألصقه (الفقر) بالدقعاء- أى التراب- من الجوع فصار ذليلا. قال فى «القاموس»: الدفع- محركة- الرضى بالدون من المعيشة، و سوء احتمال الفقر، و كفرح لصق بالتراب و الدوقعة الفقر و الذل و الجوع، و فى النسخ: «أوقعه» بالواو أى حطه عن منزلته (و أشواه) أصاب شواه- بكسر الشين المعجمة- و هو ما كان غير مقتل، يقال: لشواه إذا أصاب شواه لا مقتله، و المراد: أضعفه و صيّره صغيرا حقيرا فى أعين أهل الدنيا، و كان الفقير و الغنى عنده صلى اللّه عليه و سلم سواء.
و قد ورد: «من أهان فقيرا لأجل فقره فقد ذهب ثلثا دينه». و قال صلى اللّه عليه و سلم مادحا للفقر بقوله: «تحفة المؤمن فى الدنيا الفقر». و قد ورد بسند لا بأس به:
«الفقر مع الصبر وصف محمود، فإن الغنى هو اللّه تعالى».
و لا ينافى فى ذلك ما ورد: «كاد الفقر أن يكون كفرا» لأن ذلك بالنسبة لمن لم يرض بقضاء اللّه، بل ربما أداه إلى تسخط الرزق، و الاعتراض على اللّه، و التصرف فى ملكه؛ كما فعل ابن الراوندى فى قوله:
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه * * * و جاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة * * * و صيّر العالم النحرير زنديقا
و إلا فالفقر نعمة من اللّه تعالى داع إلى الإنابة و الالتجاء إليه، و الطلب منه، و هو حلية الأنبياء، و زينة الأولياء، و زىّ الصالحين، و من ثم ورد خبر:
«إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين» فهو نعمة جليلة، بيد أنه مؤلم شديد التحمل؛ فالفقر خير من وجه، و شرّ من وجه، و ليس بخير محض، و لا بشر محض، بل هو سبب للأمرين معا، يمدح مرة، و يذم أخرى، و البصير المميز يدرك أن المحمود منه غير المذموم.
نام کتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) نویسنده : البرزنجي، جعفر بن حسن جلد : 1 صفحه : 605