و المناسبة بين هذا المعراج العاشر من سنى الهجرة أمر بيّن واضح إذ اجتمع فى هذا العام اللقاءان اللذان أحدهما: لقاء البيت و حج الكعبة و وقوف عرفة، و إكمال الدين و إتمام النعمة على المسلمين. و اللقاء الثانى: الانتقال من دار الفناء إلى دار البقاء، و العروج بالروح الكريمة إلى المقعد الصدق، و إلى الوعد الحق، و إلى الوسيلة و هى المنزلة الرفيعة التي لا تنبغى إلا لعبد واحد اختاره اللّه تعالى على خلقه و هو محمد صلى اللّه عليه و سلم.

(و بسط له) صلى اللّه عليه و سلم‌ (بساط الإدلال) من الدلال، و فى بعض النسخ الإجلال:

أى التعظيم‌ (فى المجالى الذّاتيّة) أى المنسوبة للذات؛ أشار بذلك إلى قول الجوهرى فى قوله تعالى: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى‌ أى دلل، و منه ما جاء فى رواية صحيحة أن البارئ سبحانه و تعالى قال لنبيه صلى اللّه عليه و سلم بعد المراجعة و المناشدة و تخفيف الصلوات سل. فقال: «إنك اتخذت إبراهيم خليلا، و كلمات موسى تكليما، و آتيت داود ملكا عظيما، و سخرت له الجبال، و أعطيت سليمان ملكا عظيما، و سخرت له الجن و الإنس و الشياطين و الرياح، و أعطيته ملكا لا ينبغى لأحد من بعده، و علمت موسى التوراة، و عيسى الإنجيل و جعلته يبرئ الأكمه و الأبرص، و أعذته و أمه من الشيطان الرجيم؛ فلم يكن للشيطان عليهما سبيل». فقال له ربه تبارك و تعالى: قد اتخذتك حبيبا، و أرسلتك إلى الخلق كافة، و جعلت أمتك هم الأوّلون و هم الآخرون، و جعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدى و رسولى، و جعلتك أوّل النبيين خلقا و آخرهم بعثا، و أعطيتك سبعا من المثانى لم أعطها نبيّا قبلك، و أعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت عرشى و لم أعطها نبيّا قبلك، و جعلتك فاتحا خاتما» [1].

و قد ورد فى بعض أخبار الإسراء مما ذكره العلامة ابن مرزوق فى شرحه‌

[1] جزء من حديث طويل عزاه السيوطى فى الخصائص الكبرى (1/ 283) لابن جرير و ابن أبى حاتم و ابن مردويه و البزار و أبى يعلى، و أخرجه البيهقي فى الدلائل (2/ 402)، و أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد (1/ 67)، و كشف الأستار (1/ 38).