نام کتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) نویسنده : البرزنجي، جعفر بن حسن جلد : 1 صفحه : 176
و فى رفع بصره صلى اللّه عليه و سلم إلى السماء فى تلك الحالة كما قاله العلامة الشمس الجوجرى [1]- (رحمه الله تعالى)- إشارة و إيماء إلى رفع شأنه و علو قدره، و أنه يسود الخلق أجمعين.
و كان هذا أول فعل وجد منه صلى اللّه عليه و سلم فى أول ولادته، و فيه إشارة و إيماء لمن تأمل أن جميع ما يقع له من حين يولد إلى حين يقبض صلى اللّه عليه و سلم مما يدل عليه ذلك الفعل؛ فإنه صلى اللّه عليه و سلم لا يزال متزايد الرفعة فى كل وقت و حين، علىّ الشأن على المخلوقات أجمعين فى الدنيا و الآخرة. و للّه در الإمام البوصيرى- رحمه اللّه- حيث أشار إلى ذلك فى قصيدته الهمزية المحمدية بقوله:
رافعا رأسه و فى ذلك الرّف * * * ع إلى كلّ سؤدد إيماء
رامقا طرفه السّماء و مرمى * * * عين من شأنه العلوّ العلاء
[3] و فى رفع رأسه صلى اللّه عليه و سلم إلى السماء إشارة و إيماء إلى كل سؤدد، و أنه لا يتوجه قصده إلا إلى جهة العلو دون غيرها مما لا يناسب قصده.
و روى الطبرانى أنه لما وقع إلى الأرض وقع مقبوضة أصابع يده مشيرا بالسبابة كالمسبح بها. و سبقت رواية: أنها لما وضعته نظرت إليه فإذا هو ساجد قد رفع إصبعيه إلى السماء كالمتضرع المبتهل.
قال بعض أهل الإشارات: لما ولد عيسى عليه الصلاة و السلام قال: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا[4] فأخبر عن نفسه بالعبودية و الرسالة، و نبينا محمد صلى اللّه عليه و سلم وقع ساجدا و خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق و المغرب، و قبض قبضة من تراب، و رفع رأسه إلى السماء، فكانت عبودية عيسى عليه الصلاة و السلام بالمقال، و عبودية محمد صلى اللّه عليه و سلم بالفعال، و رسالة
[1] هو محمد بن عبد المنعم بن محمد الجوجرى (821- 889 ه) من فقهاء الشافعية بمصر. له تصانيف منها: «شرح همزية البوصيرى» و «ترجمة الإمام الشافعى». الأعلام (6/ 251).