أين من طبقت صواهله [1] الأرض # و كادت له الجبال تزول
قشعتهم ريب المنون عن الأر # ض كما تقشع [2] الغثاء السيول
و لقد قطع القلوب و قد # أذرى مصون الدموع رزء جليل
بانيا فهو في العيون سهاد [3] # دائم و هو للقلوب عليل
من يكن صبره جميلا فما صبر # ي عليه يا صاحبي جميل
ليته باقيا و حزني عليه # إنّ حزني من بعده لطويل
و عجيب أنّي اعزي محبيه # و حظي من المصاب جزيل
يا لنفس نفيسة ألفت # جنة عدن يزفها جبرئيل
فارقت ماء دجلة أول الليل # و أضحت شرابها سلسبيل
أبو أيوب سليمان بن المنصور:
بقيت غداة النوى حائرا # و قد حان ممن أحب الرحيل
فكم تبق لي دمعة في الجفون # الا غدت فوق خدي تسيل
فقال نصيح من القوم لي # و قد كاد يقضي علي العويل
ترفق بدمعك لا تفنه # فبين يديك بكاء طويل
عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه بن عباس:
وردنا دماء من امية عذبة # و كلنا لهم في القتل بالصاع أصوعا
و ما في كثير منهم بقليلنا # وفاء و لكن كيف بالثار أجمعا
إذا أنت لم تقدر على الشيء كله # و أعطيت بعضا فليكن لك مقنعا
رعينا نفوسا منهم بسيوفنا # و صاح بهم داعي الفناء فأسمعا
قضينا لهم دينا و زدنا عليهم # كما زاد بعد الفرض من قد تطوعا
و كان لهم من باطل الملك عارض # فلما علته (ترائت خ) شمس حق تقشعا
فليت على الخير شاهد اسهما # أصابتهم لم يبق في قوس منزعا
[1] الصواهل جمع الصاهل، صهل الفرس: صوت.
[2] تقشع القوم تفرقوا الغثاء: الزبد.
[3] السهاد: الأرق و هو ذهاب النوم بالليل.