responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : القصص التربوية نویسنده : الفلسفي، الشيخ محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 69

قيمة كلِّ امرئ ما يُحسنه

ما أكثر الرجال العلماء والمُثقَّفين ، الذين كانت لهم الكفاءة لتسلُّم مناصب عالية في الدولة ، والحصول على مقامات شامخة في المُجتمع ، لكنَّهم فقدوا جميع قيمهم الاجتماعيَّة ؛ إثر لَقبٍ قبيح ، أو شُهرة سَيِّئة ، وأخذ الناس ينظرون إليهم بعين الانتقاص والاحتقار ... وبالتالي لم يستفيدوا مِن المواهب التي كانت تُميِّزهم ، بلْ لم يستطيعوا الاستمرار في الحياة كأفراد عاديِّين ، فكابدوا الضغط الروحي دائماً ، وقضوا حياتهم في حِرمان وشعور بالحَقارة والدناءة .

وكمثال على ذلك ، نذكر ما جرى لابن النديم بهذا الصدد ، فقد كان إسحاق بن إبراهيم ، المعروف بابن النديم ، مِن العلماء الذين قَلَّ نظيرهم في عصره ، وكان قد أجهد نفسه في علوم كثيرة : كالكلام ، والفقه ، والنحو ، والتاريخ ، واللغة ، والشعر ، وبرع في جميع ذلك بَراعةً تامَّةً ، وكان عِملاقاً عظيماً في المُناظرات العلميَّة ، وكثيراً ما كان يتغلَّب على فُضلاء عصره ، وله في مُختلَف العلوم ما يقرب مِن أربعين مُجلَّداً وآثاره المُهمَّة باقية حتَّى اليوم .

كان ابن النديم ذا صوتٍ جميلٍ ، ورغبةٍ شديدةٍ بالغناء ، وكثيراً ما كان يشترك في مجالس طربِ الخُلفاء ورجال الدولة ، ويؤنس الحاضرين بغنائه المُطرِب ، ويجذب قلوبهم نحوه ... ولاستمراره في هذا العمل تضاءلت قيمة ثقافته العلميَّة شيئاً فشيئاً ؛ حتَّى عُرف في المُجتمع بهذه الصِفة ، ولقبه الأساس بـ : (المُغنِّي) و(المُطرِب) .

لقد أوردت هذه الشُّهرة ضربة قاصمة على شخصيَّته ، ولم يتمكَّن فيما بعد ، أنْ يَعُدَّ نفسه في المُجتمع كرجل عالمٍ مُطلع ، وأنْ يُظهر كفاءته العلميَّة ... وبالرغم مِن قُربه مِن الخُلفاء والوجهاء ، فإنَّهم لم يعهدوا إليه بمُهمَّة أو عمل خطير في الدولة ؛ وذلك حَذراً مِن اضطراب الرأي العامّ .

نام کتاب : القصص التربوية نویسنده : الفلسفي، الشيخ محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست