بشر بن الحارث الحافي ، مِن أهالي مَرْو ، كان قد أمضى شَطراً مِن عُمره في المعصية والانغماس في الشهوات غير المشروعة . في أحد الأيَّام مَرَّ الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) في الزقاق الذي تقع فيه دار بشر هذا ، فاتَّفق أنْ فُتح الباب وخرجت منه إحدى جواري بشر ، فرأت الإمام وعرفته . وكان الإمام يعرف أنَّ هذه هي دار بشر ، فسأل الجارية عن سيِّدها هل هو حُرٍّ أم عبد ؟ فقالت : إنَّه حُرٌّ .
قال : (صحيح ما تقولين ؛ إذ لو كان عبداً لوفَّى بشروط العبوديَّة وأطاع مولاه) .
قال الإمام ذلك واستأنف السير في طريقه ، فعادت الجارية إلى الدار ونقلت إلى سيِّدها ما قاله الإمام ، فاضطربت حال بشر وثارت في داخله عاصفة مِن الانفعالات ، وأسرع بالخروج مِن الدار يطلب الإمام حتَّى أدركه ، وتاب على يديه ، وهَجر ما كان يرتكبه مِن آثام ، واتَّخذ طريق الله وإطاعته . وعندما خرج للِّحاق بالإمام كان حافي القدمين ؛ لذلك ظلَّ منذ ذلك اليوم وحتَّى نهاية عُمره حافياً ، إحياءً لذكرى تلك اللحظة واحتراماً للقائه بالإمام ، واحتفاءً بعودته إلى الصراط المُستقيم ، فعرف بـ (بشر الحافي) بعد ذاك [1] .