يبدأ الفقهاء بصلاة الظهر ؛ لأنّها أوّل صلاة فُرضت ، ثمّ فُرض بعدها العصر ، ثمّ المغرب ، ثمّ العشاء ، ثمّ الصبح على الترتيب . وقد وجبت الصلوات الخمس بمكة ليلة الإسراء بَعد تسع سنوات من بعثة الرسول ، واستدل مَن قال بهذا أنّ الآية 78 من سورة الإسراء ـ ( أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) ـ قد فصّلت الصلوات الخمس .
واتفقوا على أنّ الصلاة لا تجوز قَبل دخول وقتها ، وعلى أنّ الشمس إذا زالت دخل وقت الظهر، واختلفوا في مقدار هذا الوقت وإلى متى يمتد .
قال الامامية : تختص الظهر من عقب الزوال بمقدار أدائها ، وتختص العصر من آخر النهار بمقدار أدائها أيضاً ، وما بين الأوّل والأخير مشترك بين الصلاتين ، ومن هنا قالوا : يجوز الجمع بين الصلاتين في الوقت المشترك[1] وإذا ضاق الوقت ولَم يبق من آخره إلاّ مقدار ما يتسع للظهر فقط ، قدّم العصر على الظهر يصليها أداءً ، ثمّ يأتي الظهر آخر الوقت قضاءً .
وقال الأربعة : يبتدئ وقت الظهر من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ، فإذا زاد عن ذلك خرج وقت الظهر ، ولكنّ الشافعية والمالكية قالوا : يختص هذا التحديد بالمختار ، أمّا المضطر فيمتد وقت الظهر معه إلى ما بعد امتداد ظل الشيء إلى مثله . وقال الامامية : امتداد الظل إلى مثله وقت فضيلة الظهر ، وإلى مثيله وقت فضيلة العصر .
وقال الحنفية والشافعية : يبتدئ وقت العصر من زيادة الظل عن مثله إلى الغروب .
[1] من علماء المذاهب مَن يوافق الإمامية على الجمع في الحضر ، وقد ألّف الشيخ أحمد الصديق الغماري كتاباً في ذلك أسماه ( إزالة الخطر عمّن جمع بين الصلاتين في الحضر ) .