إذا كان الوقف عطية وتبرعاً وصدقة يكون الواقف ـ والحال هذه ـ معطياً ومتبرعاً ومتصدقاً . وبديهة أنّ للإنسان ـ العاقل البالغ الراشد الصحيح غير المحجَر عليه في التصرفات المالية ـ له أن يتبرع من أمواله ما يشاء إلى مَن يشاء بالنحو الذي يراه . وفي الحديث ( الناس مسلّطون على أموالهم ) . وقال الإمام : ( للوقوف بحسب ما يقفها أهلها ) ؛ ولأجل هذا قال الفقهاء : شروط الواقف كنص الشارع ، وألفاظه كألفاظه في وجوب اتباعها والعمل بها... ومثله الناذر ، والحالف ، والموصي ، والمقر .
وعلى هذا ، فإن عُلِم قصد الواقف ، وأنّه أراد هذا المعنى دون سواه أُخذ به ، حتى ولو خالف فهم العرف ، كما لو علمنا أنّه أراد من لفظة : أخي صديقه فلاناً ، فنُعطي الوقف للصديق ، لا للأخ ؛ لأنّ العرف إنّما يكون حجة متبعة باعتباره وسيلة تكشف عن القصد ، فإذا عرفنا القصد يسقط العرف عن الاعتبار . أمّا إذا جهلنا القصد كان العرف هو المتبع ، وإذا لم يكن للعرف اصطلاح ، ولم يُفهم من ألفاظ الواقف