إلى معرفة حكمه ودليله . وفي سنة 1949 استفتى الحجاج المصريون جامع الأزهر في ذلك ، وطلبوا الإذن بدفع ثمن الهدي إلى المحتاجين ، فنشر فضيلة الشيخ محمود شلتوت [1] كلمة في العدد الرابع مِن المجلد الأوّل مِن رسالة الإسلام التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة ، أوجب فيها الذبح حتى ولو استوجب الحرق أو الطمر .
ورددتُ عليه في مقال مطول نُشر في عددين على التوالي مِن أعداد الرسالة المذكورة سنة 1950 ، وحين أعادت ( دار العلم للملايين ) ببيروت نشر كتاب ( الإسلام مع الحياة ) أدرجته فيه بعنوان : ( هل تعبّدنا الشرع بالهدي في حال يترك فيه للفساد ؟ ) . وكان قد انتهى بي القول إلى أنّ الهدي إنّما يجب حيث يوجد الآكل ، أو يمكن الانتفاع به بتجفف اللحم ، أو تعليبه بصورة فنية بحيث يسوغ أكله ، أمّا إذا انحصر الهدي في الإتلاف كالحرق والطمر فإنّ جوازه ـ والحال هذه ـ محل للنظر والإشكال . ومَن أراد التفصيل ومعرفة الدليل فليرجع إلى كتاب ( الإسلام مع الحياة ) الطبعة الثانية .
وبعدها اطلعتُ على حديث في الوسائل يؤيد ما ذهبنا إليه ، فقد نقل صاحب الوسائل في الأضحية ـ بعنوان : باب تأكد استحباب الأضحية ـ هذه الرواية عن الصادق عن آبائه عن رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) أنّه قال : ( إنّما جعل هذا الأضحى لتشبع مساكينكم مِن اللحم فأطعموهم ) .
وهذا الحديث وإن كان خاصاً في الأضحية المستحبة لكنّه يلقي ضوءاً على الهدي الواجب .
[1] لقد أصبح سنة 1963 شيخ الأزهر ، وكان يومذاك عضواً في جماعة كبار العلماء .