وقال الحنابلة والشافعية : بل يتيمم بدلاً عن الغسل .
واختلف الإمامية فيما بينهم ، فمانع ومجيز .
والحق المنع ، كما قال الحنفية والمالكية ؛ لأنّ هذا التيمم مِن العبادات ، وهي لا تُشرع إلاّ بدليل ، ولا دليل... وجاء في مستمسك العروة للسيد الحكيم ج7 : ( إنّ عموم بدلية التراب عن الماء ، وإنّه يكفي عشر سنين ، وإنّ التراب أحد الطهورين ، وإنّ ربّ الماء والصعيد واحد ، كافٍ في ثبوت بدلية التراب في المقام ونحوه ) .
ويلاحظ بأنّ هذه الأدلة التي دلّت على بدلية التراب عن الماء ناظرة إلى الماء بقيد التطهير مِن الحدث ، لا مطلق الماء ، وإلاّ وجب أن نعطي التراب جميع أحكام الماء عند تعذره ، حتى في إزالة النجاسة الخبثية إلاّ ما أخرجه الدليل ، ولا قائل بذلك ، حتى صاحب المستمسك ـ فيما أظن ـ وقد صرح في منسكه ص 26 طبعة رابعة أنّ الغسل مستحب للإحرام مِن الحائض والنفساء . ومعنى ذلك أنّ هذا الغسل لا يرفع حدثاً ، ولا يقصد منه إلاّ النظافة ، هذا ، إلى أنّنا نعلم أنّ التراب يكون بدلاً عن الماء في الطهارة الحديثة ، ولا يكون بدلاً عنه في الطهارة الخبثية ، كالدم والبول ، ونشك : هل يكون بدلاً عنه في هذا الغسل ؟ ولا يسوغ التمسك بهذه العموميات لرفع الشك ، وإثبات البدلية الشرعية ؛ لأنّه مِن باب التمسك بالعام في الشبهات أو المصداقية .
أُرسِلت هذه الملاحظة لسماحة السيد فعلّق عليها بقوله : ( إنّ مشروعية الغسل المستحب للطهارة ، والطهارة إنّما تكون عن الحدث ، فالغسل المستحب مطهِّر مِن مرتبة مِن الحدث ، وبدلية التراب عن الماء شاملة لموارد الغسل المستحب ، وشمولها لذلك لا يقتضي شمولها للغسل عن النجاسة ، لاختلاف السنخية بين الحدث والخبث ، والاختلاف في المحل ، فإنّ مورد الأوّل النفس ونحوها ، ومورد الثاني الجسم مع وحدة السنخية بين طهارة الغسل الواجب