مِن الكلفة والمشقة لعدم معرفتهم يوم العيد مسبقاً ، فقد يفاجئهم على غير استعداد ، وقد يستعدّون له ثمّ يأتي متأخراً .
وقد ثار في الأندية والمجالس الدينية نقاش حادّ حول قرار الحكومتين بين مؤيد ومفنّد .
قال مَن يناصر القرار : ليس في الدين ما ينافي الاعتماد على قول الفلكيين ، بل إنّ الآية 16 مِن سورة النحل : ( وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) تسنده وتؤيده .
وقال المعارضون : إنّ القرار يتنافي مع الحديث الشريف : ( صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ) ، حيث إنّ المفهوم مِن الرؤية هي الرؤية البصرية التي ألفها الناس في عهد الرسول ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، أمّا الرؤية بالمكبّر والتعويل على الحساب والمنازل فبعيدة عن لفظ الحديث .
والحقيقة أنّ كلاً مِن الطرفين لَم يأتِ بالحجة . أمّا الاهتداء بالنجم فالمراد به معرفة الطرق ومسالك البلاد ، لا معرفة الأيام والأهلة . وأمّا حديث الرؤية فإنّه لا يتنافى مع العلم السليم ؛ لأنّ الرؤية وسيلة للعلم وليست غاية في نفسها ، كما هي الحال في جميع الطرق الموصلة إلى الواقع ، ولكننا نقول : إنّ أقوال الفلكيين لا تفيد العلم القاطع لكل شبهة كما تفيد الرؤية البصرية ؛ لأنّ كلامهم مبني على التقريب لا على التحقيق بدليل اختلافهم وتضارب أقوالهم في الليلة التي يتولد فيها الهلال ، وفي ساعة ميلاده ، وفي مدة بقائه .
ومتى جاء الزمن الذي تتوفر فيه لعلماء الفلك المعرفة الدقيقة الكافية الوافية ، بحيث تتفق كلمتهم ، ويتكرر صدقهم المرة تلو المرة حتى يصبح قولهم مِن القطعيات ، تماماً كأيام الأسبوع ، وأنّ غداً السبت أو الأحد ، يمكن والحال هذه الاعتماد عليهم ، بل يتعين على مَن يحصل له مِن أقوالهم ، ويجب أن يُطرح كل ما يخالفهم [1] .
[1] راجع هذا البحث في الجزء الأوّل مِن كتابنا : ( فقه الإمام جعفر الصادق ) ، فصل ثبوت الهلال ، آخر باب الصوم .