اَلرََّازِقِينَ[1] ، بيّنوا لنا النكتة في تقديم التجارة على اللهو في صدر الآية و تأخيرها عنه في ذيلها.
الجواب:
النكتة في تقديم التجارة على اللهو و تأخيرها في التنزيل في آية الجمعة واضحة و بديهة؛ فإنّ التجارة لما كانت عملا عقلائيا و هي أشرف من اللهو طبعا ناسب أن يكون الترقي منها إلى اللهو في الجملة الأولى، فكأنه تعالى يقول: إذا رأوا تجارة بل ما هو أخس من التجارة و هو اللهو تركوا الصلاة و اشتغلوا باللهو، أما في الجملة الثانية فالمناسبة تقتضي العكس، فكأنه تعالى يقول: ما عند اللّه خير من اللهو بل خير من التجارة التي هي أشرف من اللهو، و هذه من نكات بلاغة القرآن المجيد.
و في الآية سؤال آخر و هو: ما وجه إفراد الضمير في قوله تعالى: اِنْفَضُّوا إِلَيْهََا ، مع أنّ المقام يقتضي أن يقال: انفضوا إليهما؟و يخطر على بالي أنّ المفسّرين يجعلونه من باب الحذف و التقدير، و إذا رأوا تجارة انفضوا إليها أو لهوا انفضوا إليه، و مثله في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ اَلذَّهَبَ وَ اَلْفِضَّةَ وَ لاََ يُنْفِقُونَهََا فِي سَبِيلِ اَللََّهِ[2] ، و حقها أن يقال: و لا ينفقونهما، و الوجه المتقدم في هذه الآية مقبول في الجملة، يعني حذف من الأول لدلالة الثاني عليه.
أما في آية الجمعة فغير مستحسن كما لا يخفى، بعد أدنى تأمل، و الذي أراه في الآيتين و أمثالهما عدم الحاجة إلى التقدير، بل المراد بالضمير