responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 113

روى عن النبى- (صلى اللّه عليه و سلم)- أنه قال: «ليس للمؤمن أن يذلّ نفسه»، فنزل ففتح الباب، ثم ارتقى إلى الغرفة، فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت، فدخلنا، فجعلنا نجول عليه بأيدينا، فسبقت كفّ هارون قبلى إليه، فقال: يالها من كف! ما ألينها إن نجت غدا من عذاب اللّه عز و جل، فقلت فى نفسى: ليكلمنّه الليلة بكلام من قلب تقى، فقال له: خذ لما جئناك له رحمك اللّه، فقال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة دعا سالم بن عبد اللّه‌ [1] و محمد بن كعب القرظى، و رجاء بن حيوة، فقال لهم: إنى قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علىّ، فعدّ الخلافة بلاء، و عددتها أنت و أصحابك نعمة، فقال له سالم بن عبد اللّه: إن أردت النجاة من عذاب اللّه فصم الدنيا، و ليكن إفطارك منها الموت، و قال له محمد بن كعب: إن أردت النجاة من عذاب اللّه فليكن كبير المسلمين عندك أبا، و أوسطهم عندك أخا، و أصغرهم عندك ولدا، فوقر أباك، و أكرم أخاك، و تحنن على ولدك، و قال رجاء بن حيوه: إن أردت النجاة من عذاب اللّه تعالى فأحبّ للمسلمين ما تحب لنفسك، و اكره لهم ما تكره لنفسك، ثم مت إذا شئت، إنى أقول لك بأنى أخاف عليك أشد الخوف يوم تزلّ فيه الأقدام، فهل معك، رحمك اللّه، مثل هذا، أو من يشير عليك مثل هذا؟.

فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشى عليه، فقلت له: ارفق بأمير المؤمنين. قال: يا ابن الربيع، تقتله أنت و أصحابك، و أرفق به أنا؟.

ثم أفاق هارون فقال له: زدنى- رحمك اللّه- فقال: أمير المؤمنين، بلغنى أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكى إليه، فكتب إليه عمر: «يا ابن أخى، أذكرك طول سهر أهل النار فى النار مع خلود الأبد، و إياك أن ينصرف بك من عند اللّه إلى عذاب اللّه، فيكون آخر العهد و انقطاع الرجاء»، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز، فقال له: ما أقدمك؟ فقال: خلعت قلبى بكتابك، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى اللّه.

فبكى هارون بكاء شديدا، ثم قال له: زدنى، رحمك اللّه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن العباس، عم المصطفى (صلى اللّه عليه و سلم) قال: «يا رسول اللّه، أمّرنى على إمارة»، فقال له النبى (صلى اللّه عليه و سلم):

«إن الإمارة حسرة و ندامة يوم القيامة، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل».

فبكى هارون بكاء شديدا، و قال: زدنى رحمك اللّه قال: يا حسن الوجه، أنت الذى يسألك اللّه- عز و جل- عن هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقى هذا


[1] انظر: (تهذيب التهذيب 3/ 346، تهذيب ابن عساكر 6/ 50، غاية النهاية 1/ 301، صفة الصفوة 2/ 50، حلية الأولياء 2/ 193، الأعلام 3/ 71).

نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست