نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 82
بها، فإن أضداد ذلك يوجب انصباب المواد إليها. و قد قال بعض السلف: مثل أصحاب محمد مثل العين، و دواء العين ترك مسها. و قد روي في حديث مرفوع، اللّه أعلم به: «علاج الرمد تقطير الماء البارد في العين» و هو من أنفع الأدوية للرمد الحار، فإن الماء دواء بارد يستعان به على إطفاء حرارة الرمد إذا كان حارا، و لهذا قال عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه لامرأته زينب و قد اشتكت عينها: لو فعلت كما فعل رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) كان خيرا لك و أجدر أن تشفي، تنضحين في عينك الماء، ثم تقولين: «أذهب البأس رب الناس، و اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما» [1]. و هذا مما تقدم مرارا أنه خاص ببعض البلاد، و بعض أوجاع العين، فلا يجعل كلام النبوة الجزئي الخاص كليا عاما، و لا الكلي العام جزئيا خاصا، فيقع من الخطأ، و خلاف الصواب ما يقع، و اللّه أعلم.
فصل في هديه (صلى اللّه عليه و سلم) في علاج الخدران الكلي الذي يجمد معه البدن
ذكر أبو عبيد في «غريب الحديث» من حديث أبي عثمان النهدي: أن قوما مروا بشجرة فأكلوا منها، فكأنما مرت بهم ريح، فأجمدتهم، فقال النبي (صلى اللّه عليه و سلم):
«قرسوا الماء في الشنان، و صبوا عليهم فيما بين الأذانين»، ثم قال أبو عبيد:
قرسوا: يعني بردوا. و قول الناس: قد قرس البرد، انما هو من هذا بالسين ليس بالصاد. و الشنان: الأسقية و القرب الخلقان، يقال للسقاء: شن، و للقربة:
شنة. و إنما ذكر الشنان دون الجدد لأنها أشد تبريدا للماء. و قوله: «بين الأذانين»، يعني أذان الفجر و الاقامة، فسمى الاقامة أذانا، انتهى كلامه.
قال بعض الأطباء: و هذا العلاج من النبي (صلى اللّه عليه و سلم) من أفضل علاج هذا الداء اذا كان وقوعه بالحجاز، و هي بلاد حارة يابسة، و الحار الغريزي ضعيف في بواطن