نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 79
فانها لم تتمكن بعد من قوتها، و هي مشغولة بدفع آثار العلة، و ازالتها من البدن.
و في الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة، فتشتغل بمعالجته و اصلاحه عما هي بصدده من ازالة بقية المرض و آثاره، فاما أن تقف تلك البقية، و اما أن تتزايد، فلما وضع بين يديه السلق و الشعير، أمره أن يصيب منه، فانه من أنفع الأغذية للناقه، فان في ماء الشعير من التبريد و التغذية، و التلطيف و التليين، و تقوية الطبيعة ما هو أصلح للناقه، و لا سيما اذا طبخ بأصول السلق، فهذا من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعف، و لا يتولد عنه من الأخلاط ما يخاف منه.
و قال زيد بن أسلم: حمى عمر رضي اللّه عنه مريضا له، حتى انه من شدة ما حماه كان يمص النوى.
و بالجملة: فالحمية من أنفع الأدوية قبل الداء، فتمنع حصوله، و اذا حصل، فتمنع تزايده و انتشاره.
فصل
و مما ينبغي أن يعلم أن كثيرا مما يحمى عنه العليل و الناقه و الصحيح، اذا اشتدت الشهوة إليه، و مالت إليه الطبيعة، فتناول منه الشيء اليسير الذي لا تعجز الطبيعة عن هضمه، لم يضره تناوله، بل ربما انتفع به، فان الطبيعة و المعدة تتلقيانه بالقبول و المحبة، فيصلحان ما يخشى من ضرره، و قد يكون أنفع من تناول ما تكرهه الطبيعة، و تدفعه من الدواء، و لهذا أقر النبي (صلى اللّه عليه و سلم) صهيبا و هو أرمد على تناول التمرات اليسيرة، و علم أنها لا تضره، و من هذا ما يروى عن علي أنه دخل على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) و هو أرمد، و بين يدي النبي (صلى اللّه عليه و سلم) تمر يأكله، فقال: يا علي! تشتهيه؟ و رمى إليه بتمرة، ثم بأخرى حتى رمى إليه سبعا، ثم قال: «حسبك يا علي».
و من هذا ما رواه ابن ماجه في «سننه» من حديث عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي (صلى اللّه عليه و سلم) عاد رجلا، فقال له: «ما تشتهي»؟ فقال: أشتهي خبز بر. و في لفظ: أشتهي كعكا، فقال النبي (صلى اللّه عليه و سلم): «من كان عنده خبز بر فليبعث الى أخيه»، ثم قال: «اذا اشتهى مريض أحدكم شيئا، فليطعمه» [1].